الثاني "مراسم العزاء"

774 88 24
                                    

الفصل الثاني "مراسم العزاء"
#قتل عمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الزمن يتوقف لحظة تسليمك لعمرك بين يدي الدنيا لتفعل به الأفاعيل ، حياتك مرهونة بمقاومتك و دفاعك عن أحلامك ، إن وقفت خاضعًا ستسلب ملكيتك حتى في ذاتك ، سنتهب حريتك و حقوقك ، فأنت كالطير الحُر تحلق عاليًا و تتوجب عليك حتمية توخي الحذر ، فإن سقطت بين شِباك الصيّاد فريسةً فلن تُبرحك القيود حتى و إن قدمت روحك قربانًا .

"المواجهة ستكلفك تحمل آلام العبارات لكن صمتك ربما يكلفك فُقدان هويتك"

طرقاتٌ صاخبة على باب إحدى المنازل بالمدينة ذاتها ، طرقاتٌ جفل لها الماكث بالمنزل فهبّ يفتح الباب الفاصل بينه و بين الطارق الهمجي ، تقدم من الباب و هو يسب الطارق الذي أرّق لحظته الهادئة ليجد أنه لم يكن إلا ولَده الأصغر الذي اندفع مثل التيّار يصيح عليًا :

_الكلام اللي أمي بتقوله ده حصل؟ ، آخرتها تكسرها و أنت عارف إن ملهاش غيرك؟

رفع "حسَّان" حاجبه استنكارًا و هدر يوبخ ابنه بجمود :

_و أنت جاي لحد هنا تعلي صوتك على أبوك عشانها؟! ، و ملهاش حد غيري ليه و أنت روحت فين؟! ، البركة فيك خدها عندك طالما محموق عشانها أوي كده .

رمقه "أنـس" بخيبة أملٍ ثم أردف يلتمس عطفه :

_طب و عمرها اللي ضيعته جنبك؟ ، لما اختارتك من وسط الكل تسلم حياتها بين إيديك و تآمن لك ، كل ده هان عليك !!

و لم يهتز به شعرة بل استمر في تبجحه مدافعًا عن متطلباته فهتف بنبرة جامدة :

_أنا مضربتهاش على إيديها عشان تكون معايا هي اللي اختارت بمزاجها و أنا كمان من حقي أختار ، أنت و اختك اتجوزتوا و عيشتوا حياتكم و أنا مش هفضل معلق نفسي جنب أمك ، هي خلاص راحت عليها .

قرر "أنس" مضاهاته بطريقته الجافة فنطق متهكمًا رغم كُرهه لأن يُحدث والده بطريقة غير لائقة :

_و مين بقى اللي هتوافق على واحد متجوز و عنده أحفاد؟

التوى ثغر "حسّان" ساخرًا ثم أشار باصبعيه كعلامةٍ على النقود قبل أن يتحدث بصلف :

_أنا أقدر أعمل اللي يكيفني طالما معايا ده ، زي ما دخلتك طب بفلوسي ولا تكون ناسي يا دكتور؟

صُعق "أنـس" من فظاظة حديث والده فقال مدهوشًا :

_بِتمِنّ عليا يا بابا؟

قتل عمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن