الفصل الخامس و الأخير "بالفعل ثائر"
#قتل عمدـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العدل سمةٌ شريفة تنَحّت من القلوب ، و صارت كفة الشر تعلو على خاصةِ الخير في ما يسمى بميزان العدل ، الأرواح تُنتهك دون رحمةٍ و الدماء تُسفَك باستباحةٍ كما استباحةِ "قابيل" لدمِ شقيقه "هابيل" ، لقد تناسى بنو الإنسان أنهم بدنيا الفناء و أن المظالم ترد في يومٍ لا ريب فيه .
و لأن لكل قاعدةٍ نواقض ، فالحق قد يعود لمالكيه في لحظةٍ قرر فيها العدل العدول عن قمعه ، و قد ظهر ذلك جليًّا في قاعة المحكمة أثناء الجلسة الأخيرة من المحاكمة في قضية مقتل "ثائر" .
وبعد الأقوال التي أدلى بها محامي الدفاع الذي وكله "حسان" في محاولةٍ لإنقاذ "خالد" وقف المحامي الذي وكله "مُختار" على المنصة الخاصة به أمام القاضي يلقي بمرافعته بثبات :
_سيدي القاضي ، حضرات السادة المستشارين ، إني ليؤسفني أن أحيا ليومٍ أشهد فيه مقتل شابٍ كـ"ثائر" ، الشاب الهادئ ذو الخلق الطيب الذي لم يشهد أحدٌ منه سوءً قط ، يؤسفني أن أرى أن دمه قد استباح بسهولةٍ و هُدِرَ على يد مُجرمٍ ظالم ..
_ادخل في صُلب القضية يا متر .
قالها القاضي بعمليةٍ ليحمحم المحامي ثم أكمل :
_بسم الله الرحمن الرحيم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى"
سيدي القاضي إني لأطالب بتطبيق الحكم طِبقًا للعدالة الإلهية و للدستور المصري الذي من شأنه الإعدام شنقًا لمن قتل عمدًا مع سبق الإصرار و الترصد ، و لقد قدمت لسيادتكم ملف فيديو التُقِطَ من الكاميرات الخاصة بالمشفى و التي هي مقر عمل المجني عليه ، لقد ظهر المتهم و هو يهدد المجني عليه بالقتل و بشهادة رجال الأمن أنه من بدأ بالهجوم عليه و الذي يعدُّ تعدٍّ على طبيبٍ أثناء تأدية عمله ، و كما ورد في شهادة الشهود أن المجني عليه خرج من المشفى ليجد المتهم يتشابك مع رجال الأمن و حينما شرع في فض الاشتباك و الثأر لكرامته المهدورة من قِبَلِ الآخر أخرج المتهم أداة حادةً و طعن المجني عليه .
و حسب تقرير الطب الشرعي قد طُعِنَ موكلي أسفل بطنه و في صدره في موضع قلبه ، أي أن القتل لم يكن عن طريق الخطأ في شجارٍ اعتياديٍّ كما ادّعى محامي الخصم و إلا لكانت طعنةً واحدة يدافع بها المتهم عن ذاته فحسب ، كما أن حيازة المتهم لسلاحٍ أبيض تشير إلى توافر نية سابقة للقتل .
كما أشادت المدعوة "جُموح مؤيد جادالله" بعدم تعرض المجني عليه لها بسوءٍ مثلما قال شقيقها المتهم و أنها لم تسبقها به علاقةٌ خارج إطار المألوف ، و بشهادة ممرضته الخاصة لم يلتقيا سوى ثلاث مراتٍ في عيادته بالمشفى و تبعًا لحديث والديه أنه أراد الزواج منها بشكلٍ رسميٍّ لكن قبل أن يتخذ خُطوةً واحدةً كان المتهم قد نفّذ جريمته البشعة في حقه .
أنت تقرأ
قتل عمد
Nouvellesجريمة كاملة الأركان مع سبق الإصرار ، جريمةٌ رضى بها القتيل و لم يرضى القاتل ، دموعٌ ذُرِفَت بدلًا عن الدماء و روحٌ تلاشت ليحل محلها أوامرٌ و نواهي لا حصر لها ، قُيودٌ كبّلت لسانه قبل يديه ؛ لتتنحى شخصيته جانبًا تاركةً للجاني حق التصرف ، عاش يُساق إل...