"أنت حقًا تتزوج!"
"شهاب، تلك المرة العاشرة التي تقولها منذ أن رأيت وجهي."
عاد يبتسم تلك الابتسامة البلهاء، وهو ينظر للفراغ بعينين لامعتين.
"الأمر غريب، أشعر بالسعادة رغم أن الزواج مزي..."
دعست قدمه بقوة أخرج بها كامل غضبي تجاه غبائه اللامتناهي.
همست من بين أسناني وأنا أراقب ملامحه المتألمة بتشفي:
"أحضِر مكبر صوت وأخبر الجميع أنه زواج مزيف!"
"وجهك العابس يفسر الأمر دون حاجة لضجيج المكبر."
لماذا نحن أصدقاء حقًا؟ ألم أجد شخصًا أقل استفزازًا منه؟
"لا تنظر إليّ هكذا، أنت تكون أسمج مني في لحظاتك الغير مُحبَطة."
ثم ادعى الهمس ولكن صوته المزعج كان يصلني بكل وضوح.
"والتي لم نراها منذ أشهر، تعرقلت المسكينة بين مزاجه النزق وطباعه البشعة."
كدت أجيبه بسبة تخرسه لكنه لحسن حظه حضور أبي أوقفني.
"لقد حضر المأذون."
المأذون الذي هو محامي قريب من أبي، اتصلت به منذ عدة ساعات لإستشارته في أمر زواج چُمانة دون وجود ولي لها.. فقد علمت أن والدها متوفي وأخبرتني أنها أعلمت أحد أقاربها لكنه لا يستطيع الحضور، لذلك استقرينا على أن تقوم بتوكيل أبي.
أومأت له بتعبير جاد ثم تبعته نحو الطاولة التي سيقام فوقها عقد القران، جلست على أحد جانبي المأذون ودقائق قصيرة مضت لأراها تحضر من الداخل.. يجاورنها أمي وميرا، تبدو كمجرمٍ تم القبض عليه متلبسًا.
تسللت ابتسامة مرحة لشفاهي وأنا آرى عينيها تبحثان عني، حتى وجدتني أحدق بها.
ربما أنا أتخيل، أو أهذي لكن ملامحها هدأت قليلًا من ذعرها وبدى كأنها تنفست الصعداء؟
مع كل خطوة تخطوها تجاه جلستي أشعر بنضات قلبي تتسارع بجنون، الأمر يبدو حقيقيًا أكثر.
أنا أتزوج!لا يهم لِمَ أو كيف، كل التفاصيل الضخمة التي شكلت هذا الزواج بدت الآن كمسحوق باهت يتلاشى.
مأسور داخل اللحظة، بين حلة رسمية وفستان أبيض غير متكلف. الجميع تراسوا على جانبي الحديقة، أصواتهم بدت بعيدة وهادئة للغاية وأنا أنظر لچمانة التي تبادلني النظرات بأخرى متسعة.
يجوز لي النظر أليس كذلك؟
حتى وإن لم يكن، أنا لا أستطيع إجبار عيني الغبيتين بالتوقف عن معانقة كيانها، وأيًا كانت النظرة التي ارتسمت في انعكاس عينيها الآن لا أريد رؤيتها؛ لأنني لن أعرفني.
أنت تقرأ
بقايا محترقة | الجزء الثاني من عتمتهُ.
Romanceبقايا محترقة.. إحيائها يتطلب الكثير من الحب! بدأ نشرها: ١/٥/٢٠٢٤