قد بدأنا نعرف ما معنى الزمن
عندما نعود إلى البيت وحيدين
متشابكي القلوب والأصابعبدأنا نعرف ما تعني الصخور النائمة في البحر
الشمس النائمة في السماء
والأغاني النائمة في المقبرةبدأنا نعرف لماذا ننام ونأكل
ونسير في الشوارع بلا هدفحيث في كلّ خطوة قمر مكسور
حيث في كلّ كلمة قبلة مذبوحةحيث في كلّ (صباح الخير) طلقة مخبأة
لم نستطع أن نمزِّق بها دماغ صيَّادلقد بدأنا نعرف ونفكِّر ونتألَّم بشكل حسن
محاولين أن نقول للفتاة الجميلة:(هذه المظلَّة لا تصلح للوقاية من النار
هذا الثوب لا يصلح للقيام بنزهة إلى الغابة
هذه الأصابع لا تصلح لمداعبة قطَّة
وهاتان العينان المليئتان بالسنابل
لا تصلحان لرؤية الجوع
وهو يتقلَّب بعنف فوق فراش شائك)ههنا كل شيء مريض:
البشر والحيوانات والأزهار
القوانين والدول
الآلهة الطيِّبة والشياطين الشرِّيرة
الذين رحلوا عنَّاوالذين ما زالوا يتشبَّثون بنا
مثلما تشبَّث السندباد بجسم حوت بليد
معتقدًا أنَّه صخرةوها نحن نغوص
مرضى ومعذَّبين ومُتعبين وجوعى
في هذه الهاوية الرحبة
التي اسمها (حياتنا)نعرف ونفكِّر ونتألَّم بشكل حسن
نعرف لون الأفق في السادسة صباحًا
لون الطفل وهو يغادر صباحه إلى الأبدولون الصباح الذي لا يزورنا
إلاَّ عندما نشعر بحاجة إلى النوم.أنت،
اخلع عنك الحياة وأذهب بصراحة إلى الموتالموت يا عزيزي سمكة لن تقبض عليها
إلاَّ إذا كانت يداك جافَّتين
ومشاعرك حافيةأنتِ،
اخلعي حياتك وأوقدي شمعة
ولا تفكِّري كثيرًا بشهداء الأقاليم
لا تفكِّري بالبحَّارة التعساء
ولا بالقرصان الجميلولا تفكِّري بإفريقيا الخضراء
ولا بآسيا الرماديَّة
لا تفكِّري بالبجع ولا بالتماسيح
لا بالنهر و لا بالزورقفقط اتركي نفسك بهدوء قرب شمعة
بذاكرة بيضاء وقلب صافٍولنحاول معًا أن نعرف ما معنى الزمن
عندما، كجنديٍّ مسكين
يمدُّ ذراعه السليمة
طالبًا منَّا صدقةجنديّ مسكين أو امرأة نحيلة
على السرير العاري كانا يموتان
(بهدوء... بهدوء... بهدوء)تفتح المرأة عينيها وتنظر إلى الجندي بدهشة
يفتح الجندي ساعديه ويضمُّ المرأة بخوفبدهشة وخوف كانا يموتان
والعالم حولهما يتداعى ويختفيوالناس
الناس الوادعون
الطيِّبونالأبرياء حتَّى رؤوس أصابعهم
كانوا ينظرون إليهما بلامبالاةوحينما انتفض الجندي وطلب سيجارة
وحينما انتفضت المرأة وأعطته السيجارةفتح الهواء الباب وأطفأ عيدان الثقاب...
أنا رجل مسكين
وأنتِ امرأة نحيلةأنا بعيد
وأنتِ مثلي مثلي مثلي بعيدةيداك الملوَّثتان بالحبّ
لا تغسليهماالوحش المقتول في قلبك
اتركيهِ هناك يتفصَّد موتًادثِّريه بالأغاني وضعي يديه فوق صدره
وغدًا، أو اليوم،عندما تصبح الحريَّة كالهواء مباحة
عندما يتداعى الأباطرة كالجدران القديمةعندما يمتلك الجميع قليلاً من الرصاص
وكثيرًا من القلبوغدًا، أو اليوم،
عندما نعرف ونفكِّر ونتألَّم بشكل حسنوغدًا، أو اليوم،
سنحاول أن نسير في الشارعنتكلَّم بغبطة وبلا خجل
ووحيدين نعود إلى البيت
متشابكي القلوب و الأصابعوللشجر أن يكون أشد اخضرارًا
وللبحر أن يكون أشد اتِّساعًاومثلما يحقُّ للسكِّين أن يكون حادًّا ومؤلمًا
فللخطيئة الجميلة حقّها في أن تتكاثر كالأرانبحيث في كلّ خطوة قمر مكسور
حيث
في
كلّ
كلمة
قبلة
مذبوحة.
أنت تقرأ
STR || رياض الصالح الحسين
Poesíaبسيط كالماء .. واضح كـطلقة رصاص. رياض الصالح الحسين شاعر سوري اقتباسات وقصائد