حرب. حرب. حرب

7 3 3
                                    

عاشق ذاهب بين حشرجة النازحين وحشرجة الكلمات
عاشق مثل هذي البراري المدمَّاة والجثث الذهبيَّة

يخرج من زمنٍ ليغنِّي
و يدخل في وطنٍ ليغنِّي

يبتاعُ أرغفةً ومعاول
يبتاعُ أرصفةً ومعامل
يبتاعُ حزنًا شديدًا
ودبَّابةً سقطت بين فكَّيْ زهرة دفلى

يبتاعُ قبرًا وسيمًا لطائرة
وغصونًا خضراءَ من فرح أبديّ للعاشقات

عاشق ذاهب بين حشرجة النازحين و حشرجة الطلقات
عاشق قال:
هذه هي الحرب
تخلع قمصانها الخشبيَّة
تكشف عن عريها الحشريّ:

دماء و أرصفة
و دفاتر مبتلَّة بالنشيج

دماء و عاشقة و دفاتر مبتلَّة بالدماء

دماء و أرغفة
و أساور ضيِّقة
و مآذن واسعة
و طيور تهاجرُ...

مجزرة و شعوب
مجزرة و زهور

هذي هي الحرب تفتح نافذة الحبّ للقاتلين
و للعاشقين ستفتح نافذة للقبور

في الحروب التي ذهبتْ
في الحروب التي بقيتْ
في الحروب التي حاولت أن تجيء
كان وجه أليف لعاشقة يتمرَّغ في الرملِ

و الألم الطبقي
كانتِ العاشقات الوسيمات يخرجنَ للشرفاتِ
و يعرضنَ أجسادهنَّ المدمَّاةَ لله

و الله كان يجيء القرى و بصحبته الجند
كان يعبِّىء مئزره الملكيّ حروبًا و ينثرها في البيادر

كانت بيادر من فضَّة و مواعيد

كانت بيادر من فضَّة

ثمَّ كانت حروب

و هل تذهبين إلى البيتِ
أم تذهبين إلى الموتِ
هل تذهبين إلى العشبِ
أم تذهبين إلى الحربِ

كنَّا نسير نسير و تثقبنا الطلقات
و كنَّا نسير نسير بدائرة قطرها ألف حزن

يدًا بيد و نغنِّي
يدًا بيد و نموت

و يا أيُّها الموت لا تأتِ في الصيف
إنَّ الطيور تشاطرنا الصيف

يا أيُّها الموت لا تأتِ في مطر خائف و بعيد
لا تأتِ

فالأرض عطشانة
و المواسم مكسورة
و الشعير سينضب
و العاشقات سيبكين عشاقهنَّ

و لا تأتِ... لا تأتِ
لكنَّهُ الموت يأتي

و لكنَّها الحرب تأتي بهيئتها الحشريَّة

تدخل من ثقبِ بابٍ
و من ثقبِ نافذةٍ

تتناسل في حانة – صحف – كتب
تتناسل في جثث العاشقات

ثمَّ تنده للقاتلين: "استريحوا... استريحوا"
و تطعمنا البؤس و الطلقات

عاشق قال:
بعد نهارين من تعب و رصاص
تجيء من الأرض عاشقة
و تمدُّ يديها إلى مطر و إجاص

تمدُّ يديها إلى الماء
تغسل ألسنة الخطباء و ألسنة الرقباء
تسجِّلُ أرصدةَ الفقراء التي ابتلعتها الحروب

على دفترٍ شجريّ
تمزِّق قبَّعة الجنرال

و قبل مسائين من مطر و إجاص أرى:
تحت قبَّعة الجنرال قرىً مصمصت عظمَ أطفالها
و يدين تقطَّعتا

و أرى تحت قبَّعة الجنرال:
دمًا ساطعًا
و جماجمَ مكسورة تتهجَّى حروف
و في كل حرف مشاريع من حلم فاسد

و أرى تحت قبَّعة الجنرالات
مشروع حرب على الزهر
مشروع حرب على النهر
مشروع حرب على الفقراء

و بين يدين تقطَّعتا
يهرب العاشقون من العشقِ
و الميِّتون من الموت
و الفقراء من الفقر

من ثمَّ تسقط قنبلة و يجيء الغزاة الأشدَّاء
من كأس شايٍ و سيجارة و صباح

و من كأس شاي و سيجارة تبدأ الثورة العالميَّة

أو تبدأ الأمنيات الكثيرات

يبدأ الخطباء خطاباتهم
و الجنود رصاصاتهم
ثمَّ أفرغ من الحزن

أقذفه تحت قبَّعة الجنرال
و أركض في مقتل لا يحدُّ

أنا الآن مقتنع ببلادي
و مقتنع باضطهادي

و في زمن لا يحدُّ أرى من أحبُّ على شاطئ
تستريح من اليأس

تسألني عن مكان لذيذ بلا شرطة
نتبادل فيه الأناشيد و القبلات

أجيب: هو البحر
قالت هو البحر. قلت هو البحر
وابتسمتْ.
______

______

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
STR || رياض الصالح الحسينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن