مِنْ ذَاكِرَة الْمَطَر

278 25 232
                                    









خمسُ دقائق مُتبقيةٌ عن موعد جرس الحصة الأولى.

برغمِ وصلوها المُتأخر للمدرسة، إلا أنها قَصدت غُرفة لجنة الإنضباط مُهرولة دون أن تَمُر بفصلها، ذهنُها صافٍ وقد عقدت العزم على الإقدام على أمرٍ ما كانت لتتصور تَقبُلهُ مُطلقًا.

سماءٌ رماديةٌ كئيبةٌ هي أول ما رأتهُ فجرًا عند استيقاظها، ولكن حين تسلل عبقُ القهوة لحواسها تسابقت خُطاها للطابق الأسفل وإلى طاولة الإفطار خَفق قلبها لرؤية إلتماع نَجمين صغيرين طالَ أفولُهما، حتى أنها تبادلت حديثًا بسيطًا معها أشعرها بالإمتنان لرائحة القهوة، وذلك الصباح الغائم، ولِلَّجنةِ الإنضباط.

تَفهمت آنزو الصدمة التي أبداها كاكوتشو الذي كان يَهمُ بمُغادرة الغُرفة ووجدها توشكُ على طرق الباب.

أبعد هاتِفهُ المحمول عن أذنه ورمش عينيه المُتباينتين في اللون، تناهى إلى مسامعهما صوتٌ بعيدٌ صادرٌ عن الطرف الآخر من المكالمة يصيحُ باسمهِ مما أجفلهُ ليستأنف الحديث إليه مُعتذرًا.

-آه..نعم لازلتُ معك، آسف..أرجوك فالتنزل من السطح حالًا وأذهب لصفك قبل أن تبدأ الحصة الأولى!

ثم أغلق الهاتف المطوي ودسهُ في جيبه، وعاد يرمقها كمن لا يُصدق وجودها أمامه.

تَململت آنزو في وقفتها وقالت وهي توجهُ بصرها بعيدًا عنه:

-جئتُ لإبلاغكم بأني سأنضمُ لِلَّجْنَة.

-آماجيرو-سان أحقًا ما تقولين؟

عاودت النظر إليه ولا يزالُ مُحملقًا بها يعتريه الذهول، كان موقفهُ طبيعيًا بعدما سمعهُ منها بالأمس، وكيف أبدت لهُ -بصرامةٍ- رفضها التام.

لَفَّ نبرتهُ شيءٌ من الإرتياح:

-هذا..قرارٌ حكيم! لو أنكِ أبكرتِ قليلًا لتمكنتِ من مقابلة ساتومي-سان قبل أن تُغادر لصفها.

خطا لداخل الغرفة مُبقيًا على الباب مفتوحًا لها فتبعتهُ بخطواتٍ مُتَّلكئة، رمت حقيبة كُتبها فوق أريكةٍ قريبة وراقبت انهماكهُ بالتفتيش بين أدراج الخزانة الضخمة ذات الأبواب الزجاجية وسمعته يقول:

-أخبرتني بأن أعطيكِ إستمارة الإنضمام إن حدث وأن أتيتِ، وبأن بوسعكِ إحضارها خلال إستراحة الغداء.

ساورها الارتيابُ إزاء تقبُلهِ التَبدُّل في موقفها بكُل رحابة، وتساءلت لِمَ يُظهر لها الاحترام واللطف برغم أنها عاملتهُ بشيءٍ من اللؤم؟

سلمها الورقة وأخبرها بنفس النبرة المُتَهَلِّلة التي عجزت عن استيعابها:

-كدنا أن نفقد الأمل بمجيئك.

هزت كتفيها بغير حفاوةٍ وحملت حقيبتها، غمغمت وهي تدسُ الورقة بداخلها:

-دعني أخبرك بأن لا علاقة لتهديد رئيسك في تغيير رأيي، لقد قلتَ بالأمس بأن هناك مميزاتٍ تُمنحُ لأعضاء اللجنة ومن الأفضل أن يكون هذا صحيحًا.

خَلفَ غُيومِ الشِّتاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن