إلْتِبَاس

1.4K 92 166
                                    











" تَعيثُ بي فسادًا وأهيمُ بكَ ولهًا "





















حينما يفقد الإنسان مكنون نفسه ودفء قلبه
ولذة إستشعار الموجودات من حوله، يقع في
وحل أفكاره فيتحول لوحشٍ كاسر تمتلأ روحه
بالسواد والعفن، يعشش جوف قلبه غربان الحقد
والضغينة، فيتجرد من إنسانيته ورحمته هائمًا في
الأرض يعيثُ فسادًا وطغيانًا في كل نواحيها مع
إبتسامة الشر الحزينة تغلف روحه الجامدة
وسؤال يتردد في عقله "إلى متى" .

كان إياد في زنزانته قد أنهى إستحمامه والذي
كان عبارة عن سطل ماء وصابونة بدائية
قد ألقاها عليه سجانه.

كان الحمام والذي شغل حيزًا صغيرًا من زنزانته قذرًا بالكامل، تملأه أعشاش الصراصير وبيوت العناكب
الواهية وفضلات بشرية لمن سبقوه لهنا، كما وضع
عليه ستارة رديئة مُرقعٌ معظمها لا تؤدي غرضها بشئ.

توجه كعادته جالسًا على الأرض مُسندًا ظهره على
الحائط، ثانيًا ركبته موقفًا الأخرى، شاردًا في نقطة وهمية في المكان، تنساب قطرات الماء من شعره على وجهه وطول رقبته، ليبدأ في ترتيل كل ما حفظه من
آيات الله بخشوع ونغمة تجويد ساحرة.

كان السجان على باب زنزانته من الخارج واقفًا
يستمع بإنصات لتلك التلاوة العطرة والذي أقسم
وسيظل يقسم لبقية حياته أنه لم يسمع لها مثيل
كأنه مبعوثٌ من الجنة ليطرب آذان المستمعين
ويهديهم لما في صلاحهم.

قطع عليه ترتيله نقاش حاد في الخارج بين
عسكري وسجانه.

السجان:
ممنوع الدخول، العقيد ياسر محرم عليا
حد يدخله إلا بإذنه.

العسكري :
مالكش فيه الباشا الجديد طالبه بأمر من
سيادة العميد وأنا جاي على حسب الطلب.

السجان:
قولتيلك مش مسموح من غير إذن العقيد.

دفعه الشخص موقعًا إياه فاتحًا الزنزانة
قائلاً للذي أمامه:
قوم معايا.

إستقام ببرود متوجهًا ناحيته ليمد يديه أمامه
ليضع له الأصفاد ومن ثم مشى به العسكري
خارجين من ذلك العنبر.

وقفوا أمام غرفة تبين أنها مكتب لأحد ظباط القسم
وبعد أن سمح لهم العسكري عالباب بالدخول سحبه
الرجل للداخل، وفور دخولهم أشار له الظابط من
خلف مكتبه بالرحيل ليؤدي تحيته العسكرية
ويخرج.

أدهم:
إياد مش كدا، إسمك جديد عليا أول مرة أسمعه
في قضايا الإرهاب اللي بمسكها.

المَهدWhere stories live. Discover now