في بداية الزمان، حين كان الكون لا يزال يتنفس الصمت، وُجدت كائنات عظيمة تسكن أعماق الفضاء اللانهائي، عُرفت باسم "البنائين الأولين". كانت هذه الكائنات تمتلك قدرات خارقة، تمكنها من تشكيل الواقع بمهارة الفنان الذي ينسج لوحته من خياله.
بدافع الإبداع اللامحدود، قرروا خلق عالم جديد، عالم يكون تجسيدًا للجمال والإبداع. فتجمعوا حول الفراغ الأزلي، وبدأوا في نسج خيوط الوجود من العدم. من أنفاسهم العتيقة، أشعلوا نار النجوم، ومن أحلامهم العميقة، صاغوا الأرض والسماء.
ومن بين جميع الأراضي التي خلقوها، برزت مملكة فريدة، تفوق البقية في جمالها وروعتها، أُطلق عليها اسم "مملكة الأثير السرمدي". تقع هذه المملكة على جزيرة عائمة فوق محيط من السحب اللؤلؤية، حيث تتلألأ الأضواء الأثيرية بألوان زاهية تخطف الأبصار.
جدران المملكة، المصنوعة من الكريستال السماوي، تتلألأ تحت ضوء القمر، وأبراجها المنيرة تُرشد الضائعين في الليل. الأنهار الفضية تجري في أرجائها، والحدائق العطرة تفوح بأريج لا يُنسى، والجسور المعلقة المصنوعة من خيوط الفجر تربط بين الأبراج العاجية.
"البنائين الأولين" لم يكتفوا ببناء المملكة فحسب، بل أنعموا عليها بنبع الحياة الأزلي، ينبوع سحري يتدفق من قلب الجزيرة، يمنح الخلود لكل من يشرب من مائه. وقد خلقوا حراسًا أسطوريين للمملكة، كائنات نبيلة تمتلك قوة العناصر الأربعة: النار، والماء، والهواء، والأرض، ومن بينهم العنقاء والتنانين التي تسهر على البحار والعناصر التي تجوب الأرض.
وفي قلب "مملكة الأثير السرمدي"، يقف القصر الإمبراطوري، مُزينًا بأحجار القمر والنجوم، ويُعرف بأنه المكان الذي تتلاقى فيه الأحلام مع الواقع. ويُقال إن العرش الملكي، المصنوع من الأمل والأحلام، يمنح الملك أو الملكة القدرة على رؤية مستقبل المملكة.
تقبع "مملكة الأثير السرمدي" كجوهرة متوهجة في قلب الأثير. هنا، حيث الزمان يتوقف ليتأمل جمال الوجود، يعيش السكان في وئام مع السماء والأرض، وتتشابك أرواحهم مع العناصر الأربعة التي تحكم الكون.
الأطفال يركضون بين الزهور الخالدة، يتعلمون لغة الطبيعة ويتحدثون مع الرياح. يتقنون الألعاب السحرية ويتعلمون كيفية استدعاء النسيم ليحملهم في رحلات خيالية. الشباب، بأسلحتهم المشحوذة بالعزم والشجاعة، يتدربون على فنون القتال القديمة، ويستعدون لحماية مملكتهم العزيزة من أي خطر قد يلوح في الأفق.
الحرفيون، بأيديهم التي تعرف أسرار الخلق، يصنعون تحفًا تتحدى الزمن، والفنانون يرسمون لوحات تعكس أحلام الأمة. العلماء، بحكمتهم العميقة، يكتشفون أسرار الكون ويبتكرون علاجات من الأعشاب السحرية التي تنمو فقط في تربة المملكة الخصبة.
التجار ينقلون البضائع العجيبة عبر الجسور السماوية، وتعج الأسواق بالأصوات والألوان والروائح التي تأتي من كل حدب وصوب. البحارة، بسفنهم التي تشق الغيوم، يعودون بقصص عن أراضٍ بعيدة ومغامرات تفوق الخيال.
وعندما يحل الليل، تتحول المملكة إلى لوحة فنية مضاءة بأنوار الأثير، وتملأ الموسيقى السماوية الأجواء، ويتراقص الشعب تحت ضوء القمر الفضي.
الحياة هنا ليست مجرد وجود، بل هي رقصة مع السحر، حيث كل لحظة هي دعوة للانغماس في العجائب.#Amicus philia 🥀