يتيم الأهل لا يعني عديم الإحساس

84 7 0
                                    

في شوارع مدينة «حضر موت»  جنوب الجزيرة العربية و تحديدا سوقها..
تسير فتاة هائمة بجسد منهك منتهك تعرج بقدمها المصابة بجرح غائر و الدماء الجافة تغطي يديها..
تسير سارحة في سوق المدينة و المارة و التجار يحدقون بها بريبة و خوف لم تكن تستطيع الصراخ لتنبيههم عن ما قد يحصل...
تستيقظ من سرحانها لتجد رجلا واقفا أمامها يحمل سعف نخل كان ملقى أمامها و يقول:« ما الأمر يا إبنتي.. ما الذي حدث معك لأرى ما تجلى على وجهك من معاناة مادية و جسدية..»
لم تستطع الفتاة النطق و أجهشت بالبكاء بحرقة حتى فقدت الوعي من الإجهاد..
حمل الرجل الفتاة على كتفه و أخذها لإمرأة كانت عرافة تعمل في السوق و كانت أيضا تقدم علاجات لأمراض مستعصية.. كانت هذه المرأة ذات جاه و قيمة كبيرين عند قاطني المدينة.. كانت تقطن في بيت شيد بالطين بباب خشبي متهالك..
طرق الرجل الباب ثلاث مرات متتالية أجابه على إثرها صوت أنثوي:« تفضل بالدخول يا «نهشل»  ..»
دخل نهشل و قد خرجت له إثر دخوله امرأة في منتصف العقد الثالث من عمرها  بعيون واسعة بنية مكتحلة  و بشرة حنطية و كانت حادة الخطوط و الملامح ترتدي رداءا أسود بقماش رفيع يغطيها من  رأسها لأخمص قدميها و شعرها الطويل منسدل على كتفيها..
قال نهشل و الفتاة لا تزال بين أذرعه:« يبدو أن تجار العجم قد بدأو بالمجيء عندنا يا «أجوان» يجب أن نتحرك لهزيمتهم و هذه الفتاة يبدو أنهم قتلو عائلتها و أصبحت يتيمة..»
حدقت أجوان لفترة بالفتاة ثم قالت:« دعها عندي حتى تبرأ جراحها  سأتكفل بعلاجها و رعايتها..»
خرج نهشل بعدما وضع الفتاة على فراش أعدته أجوان لعلاج المرضى..
بدأت أجوان بتطبيب جراحها الغائرة بالكي و تخفض من حرارة جسدها المصاب بالحمى جراء تعفن بعض الجراح..
_______________________________
إستيقظت الفتاة متفحصة أرجاء المنزل الذي كانت فيه و كان جسدها مطببا بالكامل و ما إن همت بالنهوض حتى أوقفتها أجوان واضعة يدها على صدرها برفق و هي تقول:« جراحك لا تزال حديثة التطبيب يجب أن ترتاحي يا إبنتي..»
أعادت الفتاة رأسها للوسادة التي تحته و بقيت صامتة فقالت أجوان:« أعلم أنك لا تدركين ما قد حصل لك أعلم أنك تحاولين نسيان ذلك الهم و لكن عليك أن تحاربيهم بدل الهرب و محاولة النسيان بعض الأحداث التي تقع في حياتنا كالمصائب تكون دروسا و مواعض لنستفيد منها..»
أجابت الفتاة بأعين متوجسة:« من أنت؟»
أجابتها أجوان و هي تحدق بها بأعينها المكتحلة:« أنا؟  ... أنا ساحرة هذه المدينة..»
فأحابتها الفتاة و قد بدت عليها نظرة الخوف:« ساحرة؟  ما الذي تريدينه مني؟.»
ضحكت أجوان و قالت:« لا تقلقي لو كنت أريد منك شيئا لأخذته و أنت نائمة.. إسمعيني يا صبية هذه الحياة قد تأخذ و تعطي و يبدو أنها إختارتك لتأخذ منك و لكن ما هو مؤكد هي أنها ستعوضك عن ما أخذته و أنا سأعطيك من علمي..»
أحابتها الفتاة بإستنكار:« لا حاجة لي بعلم ملوث..» 
ضحكت أجوان بقوة أكبر و قالت:« العلم الملوث هو ما سيمكنك من القضاء على قاتلي أبويك من العجم يا صبية..»
ثم أضافت:« قاتلو أبويك من السحرة المتمكنين في بلاد الفرس و تحديدا من المدن الغربية في فارس و لا يمكن هزيمة الطلاسم إلا بطلاسم أقوى..»
فأجابتها الفتاة:«و كيف ستعلمينني؟»
تبسمت الساحرة و قالت:« سنبدأ بعد ما تبرأ جروحك و يتعافى جسدك.. و لكن قبل ذلك أريد أن أعرف كيف حصل كل ذلك و ما إسمك؟..»
فأجابتها الفتاة:« إسمي أثيل..»

شمس العرب Où les histoires vivent. Découvrez maintenant