|13|- قِسم حُبِّنا

465 31 361
                                    

استعِن على صلاحِ قلبك بشيءٍ من العُزلةِ، فالقلبُ يُفسده الزِحام.

- شمس التبريزي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلبي وقلبك.. بينهما طريقًا، سنسلكُه سويًا، يدُكِ في يدي، وعينكِ في عيني، سنمشي طريقنا معًا، ونصل إلى برِّنا الثاني، وقتها سأقفز عاليًا، وأُخبر العالم أنكِ صرتِ لي، أشتاقُ لهذه اللحظة بصُحبتكِ، وأنتِ - حتّى - لا تتذكرين مَن أكون.

تجمدت في مكانها، وكأن قدمها ثُبتت في الأرضِ بعِلكة، نظرت في عينيه مُباشرةً وهي تشعُر أن العوالم من حولهما قد فنت، أن الأحقاب أُزيلت، أن الجميع قد رحل، شعرت وكأنّها تُريد السفر إلى جزيرة تحوطها أشجار سامقة تحمل جميع أنواع وألوان الفواكه، خالية من كلِ الكائنات الحيَّة، تُريد فقط الاختلاءِ بنفسها والتفكير في أمرهما سويًّا، مهلًا.. أيّ أمرٌ تُفكر فيه؟ هي فقط تحلم وستستيقظ الآن عندما تقع من أعلى الفِراش، كيف تأتي إلى هُنا بتلك الملابس؟ كيف تُطيع "سما" في أمرٍ كهذا؟ ألم تُفكر في شكل والديها إذا علما الأمر؟ أيكونا والديَّها من الأساس؟ ألم تضع في حُسبانها أن ﷲ عليمٌ بصير مُطّلع على جميع عباده؟ ألم تخفْ من عقابِ ربَّها ذي الجلالِ والإكرام؟!

فقدت حواسها القُدرة على العمل، وتدفقت المياه من قناواتها الدمعية، وملامحها ثابتة، تجمد الوقت معها، ثُبتت الأنظار حولها، ونظرها هيّ ظلَّ مُثبتًا عليه، تنتظر منه أن يُخبرها بأنّها مُزحة سخيفة، بأنّه كان يفتعل معها مقلب، ولكنه - ولأولِ مرَّة - يُخيب ظنَّها فيه!

لم تُصدق "سما" ما سمعت، حتّى أنّها شككت في قُدراتها السمعيّة، ولم تشُك في "تميم" أبدًا، رغبت في التأكد وقطع الشكِ باليقين، فصاحت بضياع :

"أنتَ بتقول إيه يا تميم؟ أنتَ مجنون؟"

أجابها بثباتٍ، وعينيه لم تتزحح مِلّي عن عيني "ملك" الدامعة :

"بالعكس أنا أعقل واحد دلوقتي!"

تساقطت دموعها وهيّ تنظُر لهما بحقد دفين، هيّ لم تشعُر يومًا بأيّ شيءٍ تجاه "تميم" ولا تكن أيّة مشاعر له، ولكنها لم تعتاد أن يسلب منها أحد شيئًا، أن تحلم بشيءٍ ولا تزفُر به، أخذت تنظُر له ويتابعها "شريف" بعينيه وهو لا يفقه شيئًا، ولا يهمُه شيئًا غير تلك الجميلة ذات العيون الساحرة، والبشرة البيضاء الناعمة التي لعبت على أوتار قلبه منذُ أن رأها، فعزف عقله سيمفونية جديدة مُحتواها الحصول على تلك الجوهرة الثمينة، أمَّا عن "أدهم" فكان مصدومًا بحق، لا يعلم كيف يتصرف، أيوافق وهوّ حتّى لا يعلم القادم مع ابنته العزيزة؟ أم يرفُض؟ أم يحتج بأيّ شيءٍ دون إعطاءه ردًّا يُحقق أملُه أو يُخيب ظنُّه؟ قاطع تفكير الثلاثة "ملك" التي استفاقت من غيبوبتها القصيرة نسبيًا، ولملمت شتاتِ نفسها، وغادرت راكضةً تجُر ذيل فُستانها معها وتجُر معه الخيبات!

عُذرًا حدث خطأ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن