٢ - شعوذة -

280 18 65
                                    


- البارت يحتوي على موقف حميمي -

- مآسي

اصابعه تتراقص على اصابع البيانو ، بسرعة ورشاقة ومهارة ، يعزف وهو شارد الذهن ، اللحن المعزوف ذكره باغنية تركية قديمة چانت جدته تشغلها من تخيط .

كمل على نفس وتيرة اللحن وبدأ يغني :

" ما زلتُ صغيرة جدًا
صغيرة ولهذا السبب كُل أخطائي
لهذا السبب لا أفتخر
لهذا السبب لا أظن نفسي مميزة ومُهمة "

ثلاث أشهر مرت ومآسي عايش بذكرياته ، أحيانًا يكونون ذكريات سعيدة ، وغالبًا حزينة ، أحيانًا يتهرب من التفكير بالماضي ، وغالبًا الماضي يلاحقه حتى يصطاده .

تذكر اول يوم شاف ابوه بيها ، لسبب غريب قرر ابوه يزورة ببيت جدته ، تذكر ملامحة الحقودة والتجاعيد بجبهته الي سولفت لمآسي عن انه چان دائمًا عصبي ، تذكر هاليوم كُلش زين ، شلون يكدر ينساه ؟ ساجدة طردت ابوه من البيت بهذاك اليوم ، وبعدها كدر مآسي يسمع صوت بُكائها من داخل الغرفة .

كملت اصابعة تتراقص بحزن على البيانو ، وكمل مآسي اغنيتة :

" كم قطعتُ طريقًا قليلًا جدًا
قليلًا لدرجة اني مازلت في بداية الطريق
في يدي ألعاب نصر كبيرة مُتعددة الالوان
كاذبة ومؤقتة "

مازال يحس ببرودة الرخام على اصابعه ، وللمرة الثانية بنفس الشهر راح وزار قبر جدته صباح هاليوم ، تغيرت ملامحة خلال ثلاث اشهر ، كبر بالعمر ثلاثين سنة خلال ثلاث اشهر .
بعض الشيب الابيض تخلل وأندثر بشعره الاسود الكثيف ، ككُل مرة يزور قبرها چان يسولف وياها ، مرة يعاتبها ، مرة يفضفضلها ، موة يسولفلها ، بس اليوم من زارها اعتذرلها وكال :

" أعتذر ، اعرُف انو مراح تسامحيني
ولا اني اسامح نفسي "

اغرورقت عيناه بالدموع من تذكر هالشي ، بس كمل عزف وغناء الاغنية وهو يكول :

" لهذا السبب كبريائي
لهذا السبب ضعفي مثل الأطفال
ما زلتُ صغيرة .. صغيرة جدًا
صغيرة ولهذا السبب قلقي الأبدي
لهذا السبب لا ادافع
لهذا السبب لا أتخبّط لأترك أثرًا صغيرًا
ما زلتُ صغيرة .. صغيرة جدًا ".

في أحضانِ الوحش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن