١-الأعمال بالنيات

142 9 1
                                    

عن أميرِ المؤمنينَ أبي حفصٍ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ:

{إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ}.

رواه إماما المحدِّثينَ:أبو عبدِ اللهِ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ المغيرةِ ابنِ بَرْدِزْبَه البُخاريُّ.وأبو الحُسَيْنِ مسلِمُ بنُ الحجَّاجِ بنِ مُسلمٍ القُشيْريُّ النَّيْسَابوريُّ في صحيحيهما اللَّذين هما أصحُّ الكتُبِ الْمُصَنَّفةِ

شرح وفوائد الحديث

دل الحديث على أن النية معيار لتصحيح الأعمال، فحيث صلحت النية صلح العمل، وحيث فسدت فسد العمل ،، وإذا وجد العمل وقارنته النية فله ثلاثة أحوال:

(الأول) : أن يفعل ذلك خوفاً من الله تعالى وهذه عبادة العبيد.

(الثاني): أن يفعل ذلك لطلب الجنة والثواب وهذه عبادة التجار.

(الثالث): أن يفعل ذلك حياء من الله تعالى وتأدية لحق العبودية وتأدية للشكر، ويرى نفسه مع ذلك مقصراً، ويكون مع ذلك قلبه خائفاً لأنه لا يدري هل قبل عمله مع ذلك أم لا، وهذه عبادة الأحرار، وإليها أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالت له عائشة رضي الله عنها حين قام من الليل حتى تورمت قدماه: يا رسول الله !

أتتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً ؟). فإن قيل: هل الأفضل العبادة مع الخوف أو مع الرجاء ؟. قيل: قال الغزالي رحمه الله تعالى: العبادة مع الرجاء أفضل، لأن الرجاء يورث المحبة، والخوف يورث القنوط.

وهذه الأقسام الثلاثة في حق المخلصين، واعلم أن الإخلاص قد يعرض له آفة العجب، فمن أعجب بعمله حبط عمله، وكذلك من استكبر حبط عمله.

الحال الثاني: أن يفعل ذلك لطلب الدنيا والآخرة جميعها، فذهب بعض أهل العلم إلى أن عمله مردود واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم في الخبر الرباني: ((يقول الله تعالى: أنا أغنى الشركاء فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا بريء منه)).

وإلى هذا ذهب الحارث المحاسبي في كتاب ((الرعاية)) فقال: الإخلاص أن تريده بطاعته ولا تريد سواه. والرياء نوعان: أحدهما: لا يريد بطاعته إلا الناس والثاني: أن يريد الناس ورب الناس، وكلاهما محبط للعمل، ونقل هذا القول الحافظ أبو نُعيم في ((الحلية))عن بعض السلف، واستدل بعضهم على ذلك أيضاً بقوله تعالى: ( الجَّبار الُمتَكِّبرُ سُْبحَان الله عَمّا يُشْركوْنَ) (الحشر: 23)، فكما أنه تكبر عن الزوجة والولد والشريك، تكبر أن يقبل عملاً أشرك فيه غيره، فهو تعالى أكبر، وكبير، ومتكبر.

متن الأربعين النووية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن