4| أوســتـــــاريـــا

23 2 2
                                    

أمشي على حافة الشاطئ، الأمواج ترتطم بقدمي في كل ثانية ترجع فيها بينما أحاول الثبات من قوة زبد البحر المندفع نحوي، أصابع قدمي تتغلغل داخل الرمال، خُصلات شعرِي الاسود تتَراقصُ تزامنا معَ النسيمِ الهادئ، فكل شهيق وزفير يتدفق فيه الهواء ويدغدغ أنفي تمر بخاطري ذكريات و لحظات

‏أسمع صوتهما يتسلل إلى مسمعي، إسمي بلكنتهما يصبح أعذب أكثر، لكنني مهما حاولت الإلتفاف لا أقدر على التوقف عن السير ، أنا فقط أسير دون وجهة تُذكر

‏أقدام صغيرة تجري بخطواتها البطيئة تتجه نحوي، و لاحظت زرقاوتيّ ملامحها التي تشبهني تماما، وكأنها أنا ذو ثماني أو تِسع أعوام، وللحظة توقفتُ عن السير المستمر لتصطدم  بي تلك الفتاة الصغيرة و تكمل وجهتها تتجاهلني و كأنني لست موجودة من الأساس 

‏إلتفت بجذعي لأستوعب أنني لست من كانت تستهدفه، بل الشخصان اللذان كانا يناديانني منذ قليل، أمي و أبي، مع أن ملامحهما لا تظهر لي بتاتا إلا أنني ميزتهما من لكنتهما الغربية، الشيء الوحيد الباقي لي منهما، لاحظت تشبت الفتاة بعنقه و حمله لها لتتقدم أمي ليحصلوا على عناق ثلاثي

أدرت رقبتي إلى جهة أخرى أرى نفس الأشخاص يلعبون بالرمال و السعادة تغمر كل واحد منهم، و من جهة يرشون بعضهم بمياه البحر يقهقون بأصوات عالية، في طرف آخر يحمل ثلاثتهم مثلجات بأنواع مختلفة يتشاركونها كعائلة مثالية

لم تكن تلك الفتاة سوى أنا منذ عشر سنوات، فحين يأخذني الحنين إلى الوراء ، لا أعلم هل أبتَسم لأنّ الذكريات جَميلة ،أم أبكي لأن الماضي لن يعود

قطرات مالحة انسابت على خدي، لأضع كف يدي الإثنتان على مقلتيّ المبللة بالدموع أحاول كبتها، لكن من دون جدوى، إلى أن أحسست بجسم يقف أمامي، أنزل رأسه يقابلني وتسلل بيده إلى وجنتي يمسح القطرات التي تلطخها، لمساته كانت دافئة، حنونة و مطمئنة...

فرقت رموشي ببطئ، لألمح ضوءا أخضر خافت مصدره جنية صغيرة بحجم الفراشة تقريبا تدغدغ خدي بجناحيها و رجليها الصغيرتين، ثم وقفت على رأس أنفي تضع شيئا عليه، جعلني أعطس مباشرة و أنتفض من مكاني لتطير  تلك الجنية هاربة مفزوعة من تصرفي، و تختبأ خلف إحدى الزجاجات الصغيرة، استقمت بجذعي من على الأريكة التي كنت مستلقية عليها أتفحص المكان من حولي

غرفة صغيرة نسبيا يغزوها اللون الأخضر بكل درجاته، بينما تغطي الأعشاب و الأوراق النباتية كل ركن منها، الزجاجات بكل الأحجام مصطفة على الرفوف التي تزين الجدار المقابل لي

تقدمت كي ألقي نظرة على محتواها لأُذهل بكائنات صغيرة منقوعة في محلول أخضر، كانت عبارة عن جنيات، فراشات، أطراف جسد كالأعين و الأيدي  على الأرجح، و مخلوقات لم أميز ماهيتها

استدرت لجهة الجدار الآخر و كانت به قارورات صغيرة تحتوي محاليل بألوان متنوعة متوهجة، وما إن مددت يدي لألمس واحدة منها سمعت صوتا خشنا يحذرني "إياكِ! و لمسها أيتها البشرية" لماذا يستمرون بمناداتي بالبشرية؟ لدي إسم بالفعل

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 21 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Implosion | إنـــــــبـــــــجَارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن