_2_ نصيبها من الصدمه

58 4 9
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

لأ يلا هيجيب لنا الناظرة بتاعة الميتم بتاعه.

ضحك الجميع بعد قولهم واستهزائهم به، لم يبالوا بمشاعره اللتي تحطمت أو آماله اللتي خابت في هذا المكان الذي رسم له خيالات عديدة داخل عقله الصغير ولكن لم تكن تلك البداية التي أرادها هو. وأثناء استهزائهم به دخل مُعلم الصف الخاص بهم، فهرول الصغار إلى أماكن متفرقة بالصف، تعجب المُعلم من فزعهم وهرولتهم السريعة، فسألهم بهدوء...

"أيه اللي بيحصل هنا؟"

لم يجاوب عليه أحد باستثناء فتاة صغيرة لم تعجبها الوضع، فقررت الثأر لذلك الفتى الضعيف، ولكن على طريقتها الخاصة، فأجابت المُعلم بصوتٍ رقيق...

"الولد اللي ورا هو وأصحابه كانوا بيضايقوا الولد الصغير دا، وبيقولوا عليه جاي من ميتم ومعندهوش بابا وماما."

أستنكر المُعلم حديث الصغيرة، وكيف يخرج حديثًا كهذا من أطفال صغار بعمر ستة أعوام فقط، ولكنهم ليسوا مُلامين بل من رباهم هو المُلام، هذه ليست لغة أطفال أبرياء بل تقمصوها عن أهاليهم ونشأتهم، لكنه لن يعاقب أطفال في أول أيام عامهم الدراسي الأول بل يجب عليه مُمارسة دوره كمُعلم ومربي أجيال...

"طيب اللي قال على زميله كدا يقوم يقف وما يخافش."

لاحظ الخوف البادي على وجوه ثلاثة أطفال، فأستكمل حديثه بتشجيع...

"الشجاع هو اللي يقدر يعترف بغلطته وما يخافش، وأنا أوعدكوا أنا مش هعملكوا حاجة."

في بداية الأمر تردد الصغار، لكن مع تشجيع المعلم لهم قرروا الوقوف أمامه والاعتراف بخطئهم، أقترب الثلاثة أطفال من المُعلم مُنكسي الرأس...

"ممكن أعرف سبب تصرفكم مع زميلكم؟"

لم يجد الأطفال ردًا مناسبًا لما ارتكبوه في حق زميلهم، لذا التزموا الصمت، ليفهم المُعلم وضعهم، ثم أمرهم بالجلوس ثم بدأ معهم مالم يعلمهم أباؤهم...

"طب أتفضلوا على أماكنكم."

زفر المُعلم بعد تحرك الأطفال من أمامه، ثم بدأ حديثه الذي حاول جعله مبسطًا لعقلهم الصغير...

"مش معنى أن زميلكم جاي من دار أيتام، يبقى ملهوش مكان وسطنا أو ملهوش رأي، لأ هو إنسان زيكم زيه زيكم وعنده اللي يخاف عليه زيكم بالضبط، لأنه مش مرمي في الشارع، زميلكم اللي مش عاجبكم دا في مية عيلة تتمناه يكون وسطهم ومعاهم. ربنا قال في كتابه العزيز 'بسم الله الرحمن الرحيم' 'فأما اليتيم فلا تقهر' صدق الله العظيم. عارفين معنى الآية دي أيه؟"

وجد الصمت من الجميع فأستكمل حديثه...

"أكيد طبعًا مش عارفين، أقولكم أنا، ربنا سبحانه وتعالى قصد بقوله في الآية الكريمة، أن لا نسيء معاملة من فقد أباه في الصغر، ولا نذله، ولا يضيق صدورنا عليه، بمعنى أننا ما نتعصبش عليه ونزعق في وشه على طول، لأ، أحنا لازم نعلمه الصح من الغلط، ونعامله زي ما بنحب نتعامل، يعني مثلًا أنا مرضاش حد من زمايلي هنا يعاملني وحش أو يضايقني بكلامه، بالعكس أنا أحب أن كل الناس تكرمني وتحترمني، كلكوا هنا طبعًا متعرفوش أن الدنيا سلف ودين، يعني اللي أنتوا عملتوه مع زميلكوا هنا في أول يوم مدرسة ليه، هيترد ليكم بالأصعب، يعني لو مش هيترد فيكم دلوقتي، بكرا هيترد في أخواتكم الصغيرين، لو معندكمش أخوات صغيرين، يبقى هيترد في أولادكم، ها قولولي بقى تحبوا حد يعمل في حد منكم اللي أنتوا عملتوه مع زميلكم دا؟"

أضطراب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن