غياب طويل

5 2 0
                                    

[٩/‏٦ ١١:٠٣ م] Bassma Yasser: (9)«خيالات»
الصراع بين الحقيقة والسراب هو أقوي صراع يمكن أن يكون يوماً وأصعب شعور هو أن تعيش أحداثاً لا تعلم أهي تحدث حقاً أم أنها مجرد خيالات.
______
عادت كلٍ من حبيبة وجني إلي منازلهم وقررت منال المبيت في المشفي  بغرفة المرافق والطبيبة الآن تجلس مع ريم لتطمئن عليها أو يمكننا أن نقول أنها تستجوبها.
______________________________
تجلس ريم علي الفراش شاردة الذهن  لتسمع صوت الطبيبة يناديها بقلق ليخرجها من شرودها.
الطبيبة بقلق:
"ريم، ريم مالك إنتي رحتي فين"
لتزفر ريم بحزن قائلة بملامح عابسة:
"أنا كويسة يا دكتورة متقلقيش"
الطبيبة بهدوء:
"ريم بصي أنا بصراحة عايزة أسألك شوية أسألة عشان أطمن وبصراحة كنت بحاول إني آخد الأجوبة من ردات أفعالك وكلامك لكن معرفتش ولكن بردوا عايزة أعرفك حاجة أنا كطبيبة مش هقول لأي حد أي معلومة هتقوليها لكن إنتي بتشردي كتير أوي وده أكدلي إن إنتي شفتي حاجات كتيره وانتى نايمة ممكن تحكيهالي عشان ترتاحي"
شعرت ريم بحنان وصدق في حديث الطبيبة بالإضافة إلى أنها تريد الوصول لتفسير لما حدث  لتأخذ نفساً طويلاً كأنها ستسبح  تحت الماء ثم تزفره وتتحدث لتقص كل ما رأته وهي نائمه للطبيبة التي بدأت بالتركيز في كل حرف تنطقه ريم وأخبرتها ريم عن تعلقها بيزن وعن الحياة التي غيرتها بفضله وعن علاقتها بحبيبة وجني التي تغيرت إلي الأفضل بشكل ملحوظ لتنتهي من سرد حكايتها وتزفر وعيناها قد إلتمعت بالدموع.
لتتحدث الطبيبة أخيراً بعد صمت قد طال قائلة بحزن:
"ريم أنا للأسف هقولك إن كل اللي إنتي عشتيه ده كان خيالات مصتنعة وإن يزن ده مجرد طيف عابر عقلك صنعه عشان يقدر يغير كل حاجة إنتي شفتيها وحشة في حياتك وإنتي بمجرد رجوعك للواقع الطيف ده تَبَخر تماماً و علاقتك بيه انتهت أنا عارفة إن الصدمة عقلك مش هيوافق يقتنع بيها لكن إنتي لازم تفضلي هنا في الواقع اللي لازم تعشيه بالحلو وبالمُرّ"
لتُحرِك ريم رأسها يميناً ويساراً رافضة ما تقوله الطبيبة كأنها تحاول نفض تلك الكلمات من رأسها ولكن هذا هو الواقع ويجب أن تعيشه لتقول وقد انهمرت الدموع من عيونها كسيلٍ جارف لا يتوقف:
"متقوليش كده مستحيل أكيد أنا هشوف يزن وهصحي دلوقتي وأكتشف إن كل ده هو اللي حلم صح"
لتقول الطبيبة بحزن علي حالة ريم:
لأ ياريم اللي إنتي عايشاه دلوقتي هو الواقع ولازم تتقبليه "
لتصمت ريم تماماً وتسكن علي الفراش دون حراك ولا تنطق ولا تصدر صوتاً  وقد شعرت أن رأسها أصبح ثقيلاً وتريد أن تنام  وكان ذلك نتيجة للإبرة المهدأة التي وضعتها الطبيبة بمحاليل ريم من أجل أن تنام وتخفف عنها عناء التفكير.
_____________(19)_____________
تستيقظ منال وتذهب لغرفة ريم بعد أن صلت صلاة الضحي لتدلف للغرفة فتجد حبيبة وجني يجلسان بجوار ريم وحبيبة تحمل طبقاً من الطعام وتطعمها بينما جني تحمل علبة عصير ترتشف منها ريم بين كل قطمة طعام وأخري لتبتسم منال بهدوء وتتنحنح وتلقي عليهم تحية الصباح بلطف. حتي تمر ساعة ونصف فتستأذنَ جني لتذهب إلي عملها لتتبعها بعد قليل حبيبة أيضاً وتبقي منال مع ريم تحدثها لتفرج عن ريم قليلاً ما هي فيه وتعيدها للتأقلم علي الحياة بعد أن اعتادت النوم لثلاث سنوات.
____________________________
مرت ثلاثة أشهر تحسنت فيهم صحة ريم وتحسنت أيضاً نفسيتها قليلاً عن ذي قبل بالذي سمح للطبيبة أن تعطيها إذن العودة إلي المنزل الذي كان ذلك الإذن بالنسبة لريم كإعطائها إذن الخروج من السجن وإنتهاء حكم قد شعرت أنه مؤبَدّ.
وأثناء مساعدة الممرضة لريم بارتداء ثيابها الخاصة العادية التي اشتاقت لها كثيراً بعيداً عن ذلك الرداء البلاستيكي الأزرق التي تبغضه وتكره البتة. لتشعر منال فجأة بوخزة قوية في صدرها وآلام قلبها التي تغافلت عنها وأهملتها الشهور السابقة تعود إليها من جديد ولكن هذه المرة قوية بقدرٍ لا تتحمله وريم أمامها لا تريد أن تظهر تعبها حتي لا تقلق أو تغيب عنها ثانيةً لتضغط علي نفسها وتتحمل آلامها ولكن باغتتها تلك الوخزة القوية أثناء محاولاتها للقيام من المقعد لتصرخ صرخة قوية تَدوي في الغرفة لتنظر لها ريم وقد عَلَت نظرات الخوف وجهها واتجهت نحوها مُسرعة ولكن قبل أن تنطق حرفاً كانت منال قد وقعت بين يديها مغشياً عليها.
____________________________
تركض ريم الآن في منتصف المشفي مع مع تلك الممرضة التي تنقل منال علي إحدي الحاملات ومنال راكدة تلفظ بالكاد أنفاسها بصعوبة شديدة لتقول من بين شفتيها بصوت مبحوح و  شهقات مفجعة:
"خلي بالك من نفسك يا ريم"
لكن قبل أن ترد ريم كانت الممرضة قد دلفت بها إلي غرفة العمليات.
تاركة ريم تبكي بشدة وحرقة ودموعها قد ملأت وجهها تساندها جني التي عادت من عملها منذ قليلاً لتعود مع  ريم إلي منزلها و التي كانت حالتها لا تقل عن ريم  كثيراً.
لتقول جني بحزن من بين دموعها:
"اهدي يا ريم وهي هتبقي كويسه دلوقتي ادعي لها بس ادعي لها"
ليهدأ بكاء ريم بعض الشيء وتعلوا أصوات شهقاتها قائلة برجاء من بين دموعها وهي موجهة رأسها لأعلي:
"يارب'يارب مليش غيرها'.
___________(20)_________ الكاتبة
_________بسمة ياسر ______
[١٠/‏٦ ١٠:١١ ص] Bassma Yasser: (7)«غيابٌ طويل»
  لماذا نغلق أعيننا عندما نشعر بالسعادة أو عندما نتعانق أو عند الخشوع؟
لأن أجمل ما في الحياة لن تراه بعينك بل ستشعر به بقبلك.
_أجاثا كريستي.

طيفٌ مرّ بخاطري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن