الفصل الرابع (بيانو )🎹

172 33 10
                                    


الفصل الرابع (بيانو )🎹

مرت لحظات من الصمت لم يستطع بها غريب الإيتاء بأي حركة و هو يحملق بها بينما ترتخي بجسدها على مقعد السيارة و هي تمعن النظر بالشاش الأبيض الذي يحيط بمعصمها ... نظرات خاوية يائسة كأنما بعجزها تجاوز كل المعقول ليمنعها من النجاح بإنهاء حياتها ...
رفعت يديها بألم ثم أخذت ترسم بها على الفضاء نوتة موسيقى Moonlight sonata سيمفونية ضوء القمر ،بينما تحاول بإغماض عينيها جعل عقلها يصنع تلك الموسيقى ليأخذها بعيدا في محاولة للهروب من الحقائق التي تعيشها ...

ابتلع ريقه و هو يعقد حاجبيه بينما يتابع حركتها و هو يحاول فك رموز المعزوفة التي ترسمها بشغف و عقله يستعيد كلمات السيدة تانيت ... كل منا يتقبل الموسيقى على نحو مختلف  بعضنا يسمعها ،بعضنا يراها و بعضنا يعيشها بكل جوارحه حتى تصبح كالدم الذي يسري في جسده و ذلك هو العشق الحقيقي للموسيقى ...
ذلك اليوم قرر غريب المجنون أن يجرب العزف كأنما بشيئ من الحماس لها قد تسرب إلى داخله فانزوى في فناء المكان منتظرا مغادرة المرأة ليقترب منها بتردد ... كانت تمشي بشرعة نحو سيارتها عندما استوقفها قائلا بنبرة خافتة :

  - سأدفع لك الكثير من المال إذا قبلت أن تعلميني البيانو ...

توقفت المرأة لتستدير نحوه ... أمعنت النظر به قبل أن ترتسم على شفتيها إبتسامة مميزة ثم ردت  بهدوء و هي تقترب منه  :

  - أطلب من عائلتك أن تبحث لك عن مدربة غيري  يا صغير ... أنا أسافر إلى أمريكا بعد يومين  ...

صغير ... نزلت الكلمة على عقله كأنما بها منبه ليوقظه من تلك الغفوة الغريبة التي خلفتها الموسيقى على عقله فتجهمت ملامحه و هو يرد بحرج :

  - أنا لست صغيرا كما تضنين ... لقد بلغت العشر سنوات منذ أيام ... كما أنني لا أحتاج لأكثر من يوم واحد من التعليم ...

همت تانيت بالمسح على رأسه و هي تتنهد بحسرة بينما تفكر بطفلها الذي لم يرى النور أبدا ... لو أنها نجحت بالمحافظة عليه و جاء إلى الدنيا لكان بمثل عمر الصبي الغريب الذي يقف أمامها ...
سحبت نفسا عميقا و هي ترد موضحة بينما تتأمل ملامحه بإمعان :

  - البيانو يحتاج تدريبا لسنوات طويلة حتى نتمكن من إتقانه ... في اليوم الأول لن نبلغ حتى مرحلة الجلوس خلفه و التعرف على مفاتيحه ...
 
انكمش غريب و هو يهم بالذهاب لكنه توقف قائلا بنبرته المتكبرة التي زادت النرأة فضولا لمعرفته :

  - أنت تطلقين الأحكام دون معرفة يا سيدة ... لو أنك قبلت بالأمر بما أنني سأدفع لك بسخاء لكان أفضل لكلينا ...

هم بالذهاب فلم تستطع مقاومة فضولها و هي توقفه بكلماتها :

  -سألتقيك هنا غدا في السابعة صباحا ... هل لديك بيانو بمنزل عائلتك أم آخذك معي إلى منزلي ...

ابتلع الصبي ريقه و هو يرد بينما يكظم غيضه بصعوبة :

  -سيكون البيانو معي حتى صباح الغد ...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 29 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

المقامر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن