02:اِحذر مما تتمنى

192 5 0
                                    

.
.
.
⪻ بسم الله الرحمن الرحيم⪼
.
.

في غابة ذات أشجار خضراء مزهرة، حيث رائحة الخزامى و الخشب تنتشر في المكان و خيوط الشمس الذهبية تسللت من بين أوراق و أغصان الأشجار المتداخلة فتغلبت على بياض الثلج، تتجول ايفا على حصانها الأسود الكحلي، آخر هدية من والدها الراحل و عادت بها الذكريات إلى أيام لم تعرف فيها من العالم سوى أم حنون تحضنها و أب رائع يتجول معها على حصانه في هذه الغابة التي تقع قرب مسكنهم، في زمن اقتصرت الدنيا بأعينها على دمية حصان محشوة و فستان زهري اللون و حلوى صنعت بحب، مسحت ايفا دمعة تسللت خارج عينيها فقد وعدت والدها ألا تحزن مجددا فعدلت ردائها الأسود الطويل و أزاحت شعرها الكحلي الذي تدلى على عينيها المحددتين بكحل أسود أبرز جمال عيناها الذان اتخذا من البن لونا لهما مخلوطا بشعاع ذهبي يضيء كلما التقى بمحبوبته الشمس.
فجأة سمعت خربشة من ورائها فالتفتت فلم تجد غير قطة بيضاء بأعين أبدع الله خلقها فاليمنى زرقاء كلون السماء و المحيط، أما اليسرى فكانت بلون الشمس و لون الليمون، أصفرا، فتعجبت من هذا المزيج الرائع فنزلت من على جوادها و أخذت تقترب من القطة بروية فلم يكن منها إلا أن رفعت رأسها عاليا بغرور و كذالك هو الحال مع ذيلها كأنها تعرف كم جمالها مميز، و ما إن حطت رينات يدها على فرو القطة الناعم حتى هربت بعد أن صهل الحصان خلفها و توجه نحو والدتها التي حملت بيد سلة مُلئت طعاما و بيد أخرى تفاحة قدمتها للحصان الذي فرح كثيرا و أخذ يدور حولها و يمرر رأسه عليها، اقتربت ايفا من والدتها تقبل رأسها بحنية و تحمل السلة عنها و توجهتا إلى بقعة بعشب قصير، هناك حيث وضعتا بساطا أسود و وضعوا فوقه طبق فواكه و مكسرات و إبريق شاي و بعض الكعك و جلستا يتبادلان الحديث و ينتقلن من موضوع لآخر إلى أن حان وقت الذهاب إلى الجامعة فجمعت الأم الأغراض و عادت إلى المنزل أما ايفا فقدمت ردائها لأمها و ذهبت لتبدأ يوما دراسيا جديدا مليئا بطلاسم الأساتذة و في إستراحة هذا اليوم تجمعت الفتيات كعادتهن في كافيتيريا الجامعة و كل واحدة منهن تثرثر في مواضيع مختلفة فينتقلن من واحد لآخر حتى نبست إحدى صديقاتها بحماس

"لقد وجدت رواية رائعة "

"اوه لقد انهيت رواية رائعة البارحة ليلا و لا زلت في بداية رحلة البحث عن أخرى بنفس المستوى تروق لي"

"أنا متأكدة أنها ستكون كذلك"

"و إذا، ما قصتها؟ "

"تعلمين، كما العادة، الرومانسية المظلمة لكن لهذه الرواية طعم أخر، أما البطل فإنه وسيم و نبيل رغم أفعاله ، سأرسل لك عنوان المكان الذي اشتريتها منه"

"حسنا، شكرا لك، سأذهب لشرائها بعد انتهاء محاضرات اليوم"

و بهذا أكملت ايفا يومها الدراسي ثم ذهبت للمكان الذي دلتها عليه صديقتها، ركنت السيارة أمام محل قديم نزلت ايفا من سيارتها ثم توجهت نحوه رفعت رأسها عاليا لتقرأ ما كتب على لافتة المحل ثم تقدمت نحو الباب و حاولت فتحه إلا فأبى ذلك فتحققت ايفا من العنوان لتجد أنه هو فطرقت ثلاث طرقات متتاليات و بعد أن فقدت الأمل عادت أدراجها إلا أن الباب قد فتح فعادت إليه و هي تهز أكتافها بعدم مبالاة و ما إن وطئت قدميها المحل أُغلِق الباب من خلفها بقوة فانتفظت رعبا، أخدت شهيقا زدو زفيرا لتخفف من نبضات قلبها السريعة ثم شهيقا آخر لتملء رئتيها برائحة الخشب و الكتب الجديدة التي تعطي شعورا بالراحة و السكينة ثم حركت رأسها يمينا و يسارا لعلها تبصر أحدا هنا لكنها لا ترى إلى رفوف الكتب التي امتدت إلى السقف و إلى الداخل إلى ان انعدمت الرؤية بسبب الضوء الخافت و اللون البني الذي غلب على المحل الذي اتضح أنه مكتبة في النهاية، ثم تقدمت أكثر نحو الداخل فأوقفها ذلك الصوت الذي دوى من خلفها

أطلس_ᴀᴛʟᴀsWhere stories live. Discover now