المحقق (نادر) كان من أميز المحققين في قسم شرطة المدينة وأبرزهم وقد تتلمذ وتدرب على يده الكثير من المحققين الكبار الذين أشادوا به في كل مناسبة يجدونها ويرجعون الفضل له في كل إنجاز يحققه أحدهم في حياته المهنية.
عرف عنه أنه محقق لم يفشل في كشف أي جريمة توضع على مكتبه مهما بلغت صعوبتها وقلة الدلائل التي تقود لحلها عقله مستنير وشديد الملاحظة وبالرغم من تفوقه في الدراسة وإمكانية اختياره أي مجال مهني يريد إلا أنه فضل العمل في الشرطة بسبب شغفه الذي ورثه عن أبيه
والذي كان محققاً سابقاً في القسم نفسه.
ابنته الوحيدة فخور بأبيها جداً وتتباهى به في كل مناسبة ومع تقدمه في العمر واقتراب يوم تقاعده من العمل كمحقق رأت القلق في عينيه لقرب حلول ذلك اليوم فتجاهلته إلى حينه.حصلت ابنة (نادر) على منحة دراسية خارج المدينة التي كانوا يقطنون بها وكانت مترددة في ترك أبيها الذي أقام معها بعد وفاة والدتها قبل سنوات. لكنه أقنعها بقبولها وطمأنها بأن عمله سيأخذ جل اهتمامه ووقته ولن يشعر بالوحدة لغيابها. حل اليوم الذي ستسافر فيه ابنة (نادر) وكان وداعها مريراً مختلطاً. بالدموع.
46
أوصلها أبوها للمطار ولم يفارقها حتى أقلعت الطائرة.
مضت الأيام وكانت ابنة (نادر) تتصل بأبيها يوميا لتسأل عنه وعن أحواله وتطمئن عليه لتجده يوماً بعد يوم قد تكيف على العيش وحده بالرغم من شوقه إليها والذي يعبر عنه من حين لآخر كان يناقشها ويحكي لها عبر مكالماتها الهاتفية عن آخر القضايا التي يتولاها ويحلها في وقت قياسي وكانت هي بدورها تحكي له عن حياتها الجامعية الجديدة وسعادتها في دراسة تخصصها الذي حلمت به وهو الطب الجراحي. لكن تلك السعادة لا تقارن بسعادتها وهي تستمع لأبيها وهو يحكي بشغف لها
عن إنجازاته المستمرة.
بعد مرور بضعة أشهر واقتراب موعد الإجازة الصيفية للجامعات تحرقت ابنة (نادر) شوقاً للعودة لديارها وقضاء عطلتها مع أبيها الذي انقطعت اتصالاتها معه فترة اختباراتها وقررت عدم الاتصال به ومفاجأته بحضورها شخصياً للمنزل لذا لم تبلغه بتاريخ وصولها.
استقلت ابنة (نادر) سيارة للأجرة فور وصولها للمطار وتوجهت مباشرة للمنزل كي تعد لأبيها مفاجأة جميلة لعلمها سلفاً أن موعد وصولها سيكون في الفترة التي يكون فيها موجوداً في مقر عمله.دخلت المنزل وعلى الفور صدمت برائحة عفنة قوية أجبرتها على وضع يدها على أنفها من شدة حدتها وبدأت بالتجول في البيت بحثاً عن مصدر تلك الرائحة فوجدت المكان مليئاً بالنفايات وبقايا الطعام التي كان أغلبها من المطاعم السريعة. فتحت النوافذ وبدأت في تنظيف الغرف حتى سمعت صوت أبيها من الطابق العلوي يصرخ ويقول: «من هنا ؟!»
أنت تقرأ
النداء
Mystery / Thrillerحبكة بوليسية مشوقة لا تتشابك فيها القضايا الغامضة فحسب بل تتماهى الحدود بين الأبعاد وتتداخل عوالم الروايات راوية لأسامه المسلم