مولد سعيد!

11 2 0
                                    

ذاك الشعور الذي يتسرب بين خلايا الإنسان ويعجزه عن التغكير بمنطقية ويمد قبضتيه ليعتصر بهما كل شيء نابض في جسد الإنسان ينال مني الآن!

سيسخر الجمع الأكبر منكم منيّ وهو يشهر بإتهاماته أنني بعد أول عثرة سقطتُ في براكين اليأس ولو أنني تركتُ نفسي على سجيتها منذ صغري لتغيرت أشياء كثيرة في حياتي الآن كلما نظرتُ لها يتملكني الخزي والغضب، ولكن لم يحدث مرة وتحدثتُ بصراحة لذا لا تلوموني أنتم أيضاً فلم  أقطع ثمانية وعشرون عاماً مِن حياتي إلا بشق الأنفس

وتستحضرني ذكرى أو ربما أمنية لم أتوانى عن ترديدها كلما صفعتني الحياة بضراوة وأنا أعلم كل العلم أنها ليست خلاصي مِن أي شيء، الموت لم يكن أبداً تحت تصنيف الراحة مِن سخرية القدر وكما قلت لقد كانت عادة سخيفة لي في الماضي وحالما أتممتُ عامي الثانوي الأول أدركتُ أن هذه سخافة وجبن؛

فلماذا تتحق تلك الأمنية الآن بعد أن أردعتُ نفسي عن تمنيها إثنى عشر عاماً؟ ممدة على أرضية الطريق والذي أجهل تماماً الطريقة التي ألقتْ بي هنا و أعجز عن تحريك عضلة واحدة في جسدي بعد أن رفعتُ يدي اليمنى ورأيتها مخضبة بلون الدماء!

_ أهي على قيد الحياة؟

_أيها الطبيب مؤشراتها الحيوية تبدأ في الإرتفاع بشكل جيد

_هذا جيد لقد زالت مرحلة الخطر، هي المصابة الوحيدة في هذا الحادث صحيح؟

_أجل ولكن الشرطة هنا لأن السيارة التي اصطدمتْ بسيارتها ليس لها أثر لذلك يساورهم الشك بأنه قاتلٍ مأجور

_لا أعتقد ذلك، تركضين بإستنتاجاتكِ سريعاً

هذا آخر ما سمعته أنني على قيد الحياة وأن ما حدث كان مدبر .

وليخبرني أحدكم أثرثرة الأطباء فوق رأس مريض خرج لتوه مِن مرحلة الخطر أمراً طبيعي؟ تحدثهم هكذا أثار حفيظتي بأنني قد غفوتُ في إحدى حفلات الشاي!

أستيقظتُ صباحاً على لمسات الممرضة وهي تتفحص نبضي ومؤشراتي وكنا بالفعل في يوم آخر وما أكتشفته منها أن قدماي وذراعاي بخير وأن وجودي على أسفلت الطريق لم يحدث إلا بمساعدة المارة لأن السيارة كانت على وشك الإنفجار

وأن لولا الوسادة الهوائية لتضررتْ أنسجة رئتاي بالكامل بدلاً مِن نزيف بهما عمل الإطباء على إيقافه لخمس ساعات وأنا الآن ممنوعة مِن مغادرة المشفى لأسبوع حتى لا يحدث نزيف مجدداً أو أسترواح صدري

وإن كان يساوركم الفضول حول أبي فلا داعي للقلق لأنه بأكثر ما يرام وكأنه كان يعلم أنني على وشك لقاء حتفي فآبى بإمتناع العودة برفقتي معللاً بأنني أحتاج إلى إعادة التفكير بالطريقة التي أحيا بها حياتي وأن أبدأ بالبحث عن عملاً آخر ويستحسن إعتزال الإخراج!

الرجل الذي يرفع القبعةWhere stories live. Discover now