إنحراف

26 2 0
                                    

لم أشأ يوماً أن أطلق العنان لما يعتمرني مِن الداخل، أن يمسك بيدي وأسير خلفه بلا بصيرة أو يبقى بداخلى وأسير خلفه بلا وجود لذاتي، ما شعرتُ به دوماً كان العقبة في طريقي، لا أعلم ما الخطأ الذي ارتكبته في صغري لأعجز عن أبسط حق قد أمارسه، ولا أعلم إلى أي درجة يجب إطاعة الآباء أو إلى أي مدي يتغافلون عن ما يخرج مِن أفواههم.

_إذاً أنت تخبرني الآن أنك ممنوع مِن الدفاع عني؟

تحدثتُ بهدوء لم يتواجد بداخلي أبداً، وعلمي الشديد بتفاصيل وجهه وحركات أصابعه دلنيّ جيداً عما سيخوض فيه

_سأكمل التحقيقات وجمع الأدلة وسأكتب مذكرة الدفاع بنفسي وسأقدمهم لمحامٍ آخر صديقاً لي..

_مهلاً! أصدقاؤك مجدداً سيتحكمون في حياتي؟ سيضعون خربشات أصابعهم على صفحات حياتي المتهالكة؟ أبي مِن أين تأتي بكل تلك الثقة التي تضمرها تجاه أصدقاءك ومعارفك؟ ألم تعزل جزءاً صغيراً مِن هذا الثقة ليّ؟ أخبرني ما أنا به الآن مِن الجاني الحقيقي وراءه أنا أم أنت..ألم تجبرني على التنازل عن إخراج النشرة الوطنية كي أدعم ابنة صديقك؟ أخبرني ماذا أستفاد كلانا مِن هذا الدعم!

ارتفع صوتي في نهاية حديثي تزامناً مع قطرة ماء طائشة تتزلج على عظمة وجنتي ولهو مشين حقاً أن أبدي كل هذا التأثر بينما يحتفظ بذات الملامح

أهذه طريقته للإستجابة على إخطاري أياه بوجود مقتحم في المنزل وتركه لرسالة تهديد؟

_كاردينيا منذ ما فعلتيه ذلك اليوم وأنتِ تتطاولي في حديثكِ انتبهي لما يخرج مِن فمكِ

_فقط اسمعني، لماذا أشعر أنك تحاول طمسي كوصمة عار أو خطأ شنيع اقترفته؟

نهض مِن مكانه قاصداً باب المكتب الذي طلبتُ مِن السيدة رافائيل بعض اللحظات فيه

_أنتِ تتوهمين، لا تجعلي رغبتكِ في مواراة خطأكِ إلى السهو عما فعلتيه، الخطأ لن يعالج بخطأ ولسنا مرغمين أن نسيّر كل شيء حسب رغبتكِ!

نهضتُ مِن مكاني أيضاً رغم شعور الثقل في صدري ورئتاي

_أين هذا التوهم وأين هذه الرغبات المجابة؟ إن كان هذا صحيحاً فأخبرني لماذا نحن في هذا المنزل يوم مولدي؟

لماذا هو غاضب الآن أليس ما ألمح إليه حقيقة؟

_لقد ظننتكِ نضجتي ولكنكِ تعودين كما كنتِ في مرحلتكِ الإبتدائية!

خرج بوجهه المتجهم صافقاً الباب خلفه بينما لم أتحرك إنشاً مِن مكاني وجملته الأخيرة تتردد في أذني تحاصرني مِن كل جهة

لا أعلم هل الأمر يستحق بغضي إلى تلك الدرجة رغم يقيني أنني لم أكن أبداً بذاك السوء الذي يحاولون الإحتيال على عقلي به وترسيخه داخلي؟

الرجل الذي يرفع القبعةWhere stories live. Discover now