خمسَة عَشر

779 83 234
                                    






قَد يرَى كَثِيرُون أواخِر الليالِي كأجمَل الأوقَات ، الهدُوء العَارِم ، و الدقَّات تَرجَفُ ، و الزَفرات التِي تُريح الأنفُس ، و سكُون القلبِ و الرُوح




و مِينهُو لا يتفِقُ ، في اللَيل يخلعُ أصَابِعهُ و يدفِنُها تحتَ وِسادتِهِ خِشيَة أن يقطَعَها بأسنَانِهِ ، واحِدة بعدَ واحِدة
من الجُوع أو من الندمِ .






نهَض من سرِيرِه ناظِرًا نحوَ الساعَة و العقارِب التِي تكَادُ تلدَغُ السَاعَة الرابِعَة ، جلَس أمَامَ المِرآة ناظِرًا نحوَ وجهِه بصعُوبَةٍ بالِغَة و يدُهُ المُرتعِشَة توجهَت نحوَ شعِرِه تشدُّه بقُوَةٍ للأسفَل و نفسُّه تسارَعَ بشكلٍ خانِقٍ يُحاوِل تنظِيم نسَقِ تنفُسِه لكِنهُ يفشَلُ لهذَا يتخبَطُ في صمتٍ يشعُر بالدمعِ الحارِق يملأُ عينُهُ 







يدُه اليُمنَى تَشُدُ قمِيصَهُ من جهَّة العُنق بُغيَة تمزِيقِه بسببِ إختِناقِه و يدُه اليُسرَى تحرَكتَ فوقَ الطاوِلَة مُسقِطَةً مساحِيق التجمِيل و مُجوهراتِه الثمِينَة و التماثِيل الصغِيرَة و الشمُوع المُنطفِئَة بحثًا عن هاتِفِه مُتجنِبًا قدرَ المُستطَاع صُنع تواصُل بصرِي معَ إنعِكاسِه في المِرآة ، كَان على حافَة الجنُون و المُخدرَات التِي إستهلكَها مُؤخرًا لم تُساعِد !





أصابِعُهُ تحركَت بفوضوِيَة في قائِمَة الإتصالَات و فورَ أن وجَد الرَقمَ هُو ضغَطَهُ بنوعٍ من العُنف شاعِرًا بحبَّات العرَقِ اللواتِي إندمجنَ مع الدمُوع مانِحات أيَّاهُ شعُورًا بالِغ القُبح ، رنَّ الهاتِف لِما يُقارِب الدقيقتَين دُون إجابَة قبلَ أن يقطَع الخَطُ تِلقائِيًا و مِينهُو لعَنَّ مُعالِجتهُ النفسِيَة تِلكَ ، هُو يدفعُ لهَا أموالًا طائِلَة لتتواجَد فِي مِثلِ هذِه اللحظَة






إستلقَى أرضًا خائرَ القِوَى مُستسلِمًا لنوبَة الهلَع التِي داهمَتهُ سامِحًا لهَا بإلتِهام أوصالِه دُون رحمَة و الدُمُوع تسابقَت علَى وجهِه بشكلٍ أعنَف ، كَان وحِيدًا و مكرُوهًا و قانِطًا أكثَر من أيِ وقتٍ سبَق .





كَانت واحِدَة من أشَّدِ المراحِل تعبًا ، المرحلَة التِي إكتشَف فِيها بأنَّهُ وحِيدٌ أكثَر من أيِّ وقتٍ مضَى ، و أنهُ بكُلِ حُزنِه لا يعنِي للعَالَم شيء ، أشبَه بشجرَةٍ سقَطت في الأدغَال المهجُورَة منذُ مِئات السنوَات ، لا أحدَ إهتَّم لهُ أو سمِعَهُ ، يرجُو فقَط أن يتحسَّن في غضُون ساعَات فلديهِ حفلُ توقِيع مُعجبِين و الجمِيع يتوَقعُ مِنه الكَثِير !








~






غَادَرَ المسرَح الكَبِير بإبتِسامَةٍ كبِيرَةٍ مُنصِتًا لتذمُرَات المُعجَبِين لإنتِهاء الحَفلِ صارِخِين بإسمِه






sinner | misung حيث تعيش القصص. اكتشف الآن