أرواح من الريف 🍃

14 3 0
                                    

جلس على تلك الضفة من النيل وقد ذرّ قرن الشمس، ينظار تلك الغابة الكثة على الضفة المقابلة، تتلاعب الأمواج وحنين النسيم اللطيف، رمى حجر على الماء فظهرت تلك الدوامات الدائرية تبدوا مضطربة ثم تمضي إلى التلاشي نحو المركز حتى يعود الأمر كما بدأ ثم يرمي حجر آخر.. نعم انها حال الحياة تدور وتدور وتعود إلى تلك النقطة حيث بدأ كل شيء، انكمش على نفسه واحتضنه طيف ذكرياته ثم  خاطبه :ترفق بنفسك، ألا تذكر تلك الايام؟ لقد كنت تموت في اليوم فوق المئة ألف مرة فرحاً سعادة شوقاً حنيناً ألماً ظافر بالفوز، اين اختبئت تلك الروح لا بل اين دفنت.. اتدري شيئاً لا ألومك فقد طال الغياب وحنّ الفؤاد حتى جفت عروقه أصبحت طاردة لتلك العواطف، ام ان شعلة الأمل إنطفئت ولن تضاء ثانية.. اعلم أنني أثقل عليك ولكن من سواي يطاردك؟؟.. لا أحد سوى الذكريات واضغاث احلام متناثرة، حسناً عزيزي أتذكر ذلك اللقاء اول يوم لها بالقرية؟؟ سمراء كسمرة ماء النيل ونقية مثله ايضاً هادئة كليلة قمراء بارد نسمها تبتسم بوقار وتتحدث بتروي، ثم ما لبثت ان تبوّأت موقعها  في القلوب  كثر كلامها وازدات ابتسامتها تألقاً... كانت تخاف الجدي وتركد باكيه منه ، تصر على حرث الأرض وهي لا تعرف ما هو المعول، تتسابق مع الأطفال  وتحكم على الخاسر بجولة بأرجاء الحي يعترف فيها بكل مقالبه، وتؤثر مجالسة سيدة القرية "حبوبة زينوبة" كما يطيب لها دعوتها فقد كانت الأخيرة نظيرتها في عالم أسبق تحكي ليها تاريخ أصالة هذه القرية مذ بدأت
_ يهز رأسه بإبتسامة مبتورة الملامح "ومن ينسى تلك الاعجوبة في هذا الزمن القهقري "
يتبدد  ذلك الطيف ويذهب ريحه مع صوت اطفال يركدون ويصرخون  " ياا الطيب..  جات والله  جات.. سارة بت فضل المولى جات".. فانكب على وجهه مسرعاً مع وقع تلك الكلمات علي اذنيه
بصوت حزين متهدج قالت "اهلاً يا الطيب"
_ لم يسعه الصمود أكثر  اجهش بالبكاء.. تسلل صوتها قلبه وقرع الطبول معلناً عودة الروح لجسده ثم رد "اهلاً يا السمحة "
انعقد لسانه ورفضت الكلمات ان تخرج قائلة انه ليس بدورها، وما عساها تلك النظرات تتراقص هنا وهناك أهي  ألم الفراق ام سعادة النصر أخيراً ام خوف آخر....

شظايا نصوصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن