الرسالة الخامسة : في وقتٍ سَيمضي بالتأكيد

9 1 5
                                    

ذاتَ يوم ، و في صباحٍ مُشمسٍ حيثُ الغيوم اللطيفة التي تلعب مع الاطفال و حيثُ الضحكات الرنانة المُنتشرة بين السهول.
جلستْ طفلةٌ صغيرة على غصن شجرة. تُقلب بين يديها بدفترٍ عَتيق.
كُتب عليهِ بخطٍ عريض
" في وقتٍ سَيمضي بالتأكيد"
فضول ثم فضول ثمت فضول.
أي وقتٍ سيمضي يا تُرى؟
تقلب بالصفحات و الدهشةُ تعلو محياها!
ما اجمل الصور المُلصقة؟ و ما اروع تلك الرسومات !
بين صورٍ لأشخاص و رسوماتٍ بسيطة تخص حشرات و أخرى لطيور وحتى اوراقُ شجر و زهور .
و لا تخلو الصفحة من الكتابات المزخرفة بخطٍ طفولي مليءٌ بالاخطاء الاملائية .
" حانَ وقتُ الغداء" سمعت الصغيرة و الدتها تنادي فتسلقتْ الشجرة نزولاً ، راكضةً الى المنزل حاملةً معها الدفتر العجيب كما سمتهُ هي.
مرتْ السنوات و تلك اللطيفة لم تعد طفلةً صغيرة .
بل شابةً تَتَعطر برائحةِ الربيع و تنفثُ بشعرها ذو الازهار الفواحة.
تسلقتْ اعلى الشجرة بمهارة و فتحتْ الدفترُ العجيب.
لم تعلو الدهشة ملامحها هذه المرة كما فعلتْ عندما كانت صغيرة، بل استبدلتها بأبتسامةٍ دافئة .
تقلب بالصفحات تارةً و تارة أخرى تطلق ضحكاتٍ لطيفة.
" كم كانت والدتي لطيفة؟" تسائلتْ و هي تضحك بصخبٍ عند رؤيتها لجناحِ ذُبابة مُلصقاً في احد الصفحات. بجانبهِ رُسِمت ذبابةً صغيرة بقلمٍ طفولي.
" العشاءُ جاهز" صاحتْ الام مُخرجةً رأسها من نافذة المطبخ.
و عندما حانَ وقتُ النوم ،
حدقتْ الفتاةُ بالسقفِ مُتذكرةً الدفتر العجيب و محتواهُ اللطيف.
حيثُ أنَّ الدفتر كان يرجعُ لوالدتها عندما كانت صغيرة.
حَمَلَ الدفتر ذكريات والدتها .
فكانت تدون ، تلصق و تلون أي شيء تراهُ أمامها او يحدث في حياتها.
عندها أدركتْ الابنة كم أنَّ الذكريات شيءٌ عظيم
و أنَّ هناك اشخاصٌ سيبقون في قلوبنا يعيشون
و ذكراهم خالدةٌ لا تُمحى.
فلا بأس ، حتى و إن احتوت تلك الذكريات على الاشتياق ، الحزن و التعب ، لا بأس.
مِنَ الجميلِ أن تتذكرها لأنها حتماً كانت
" في وقتٍ سيمضي بالتأكيد "
هذه كانتْ رسالتي لليوم.
فيا أيتها الطبيعةُ الجميلة هل تملكين أي ذكريات؟
عن اولِ زهرةً تفتحت
و عن اولِ ثمرةً نضجت
او عن اولِ تساقطٍ للثلوج؟

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 19 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رسائل الى أراضي الخيال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن