بداية

210 12 16
                                    

     شارع معتم لا يضيؤه سوا بعض الانوار الخارجة من نوافذ المنازل المليئة بالعائلات، كانت احد الاضواء هذه ضوء غرفة لفتاة تبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة، تجلس بالقرب من النافذة تضم قدميها لصدرها ممسكة بكوب ترتشف منه وهي تحدق بالخارج من خلال نظارتها السداسية، فهي لا تستطيع الرؤية جيدََا بدونها، كانت ترتدي كنزة صوفية بلون الحليب و بنطالََا بني، وضعت بدها على خدها تسند رأسها عليه و هي تفكر و تفكر، فمنذ ان حدث معها ما حدث وهي لا تستطيع الجلوس دون التفكير...

صوت طرق ايقظ حواسها مما جعلها تلتف برأسها مميلةََ اياه لتقول : "تفضل" أجابت بإبتسامة صغيرة على شفتيها تسمح للطارق بالدخول.

دخل رجل بدا في عقده السادس ليقول وهو يراقب تعابير وجهها الهادئة، تمامََا كما اعتاد رؤيتها : " عزيزتي اوكزافيا ، لم مازلت مستيقظة؟"
"حسنََا، كنت افكر في... تعلم ، في الأمر، وقررت انني سأذهب، سأذهب إلى تلك المدرسة " قالت بتردد في بادئ الأمر و قد ظهر ترددها من لعبها المستمر في الكوب و لمسها لشعرها البني الذي تتخلله بعض الخصل الحمراء..
"أرى انكِ قررت إذََا، جيد، كنت سأتحدث معك في هذا الأمر، لا يجب أن تتأخري أكثر، مضت سنتان من الآن " قال بأكثر النبرات حنانََا وهو يتقدم ليصبح واقفََا أمامها ممسدََا شعرها ليخفف من توترها ورسم ابتسامة حُلوة ثم اكمل " لا عليكِ فيا، انا ادعمك، لورا  تدعمك، نحن معك في كل شيء عزيزتي، لا بأس انه القرار الصحيح، ستذهبين للمكان الذي تنتمين اليه و سترين أخاك، أليس هذا ما تريدينه؟ هيا الآن لا تبكي، ليس وكأنها آخر مرة تريننا بها!"
شرع بمسح دموعها حين بدأت تبكي معتقدََا انها حزينة لأنها ستتركهم و فقط، لكنه لم يكن يعلم بالسبب الثاني...
كانت تفكر بردة فعل شقيقها، سيحبها ام لا؟ سيتقبلها ام لا؟ كانت هذه الأفكار تدور في عقلها منذ ما يقارب الاسبوع، هي تحبه، انه شقيقها في النهاية، لكن ماذا عنه هو؟ لا تعتقد أن كان سيتقبلها بسرعة..
"اعلم هذا ستيف، اعلم، لكنني خائفة بعض الشيء"
قالت وهي تمسح دموعها بِكُم كنزتها وهي ترفع عينيها البُنية إليه، وقد اكتسبت وجنتيها بعض الحمرة من أثر البكاء مما جعل مظهرها لطيفََا لستيف
"ولما الخوف؟ انتِ شجاعة، شجاعة جدََا ! ألستِ كذلك؟ لذا عليكِ التحلي بالصبر، سنذهب غدََا لشراء ما تحتاجينه عزيزتي" اضاف وهو يُكَوّب وجهها بيديه ويرسم الطف و أحن تعبير على وجهه لتستمع له بقلبها، وحين ابتسمت له مؤكدة على كلامه طبع قبلة طويلة على جبينها ثم ابتعد مداعبََا أرنبة انفها بضغطه عليها و نهض، كاد ان يخرج من الغرفة عندما وقعت عيناه على زاوية كبيرة نسبيََا في الغرفة، تحتوي على عدة آلات موسيقية فعلّق :"أتريدين ان تأخذي آلاتك معك؟ تعلمين لا أعلم ان كان مسموحََا"
استفسر و لكنها أجابت بالإيجاب ثم خرج و أغلق الباب خلفه..

وقفت من مكانها وهي تشعر بتحسن، مضت عشر دقائق على خروج ستيف من غرفتها، تحب التحدث إليه و الإنصات، حتى ان كان يقرأ جريدة عن أحوال الطقس او مقالََا عن التماسيح، هو فقط يُشعرها بالتحسن، فهي تشعر كأنه والدها او جدها، تضحك معه و تشكي همها له و تقوم بالعديد من الأعمال برفقته، كأن تقوم بأعمال الحديقة من زرع و تقليم و سقاية النباتات و تنظيف الأرض وما إلى ذلك، و تساعده في صيانة سيارته منذ أن كانت في الثامنة من عمرها، فقد كان يأخذها عندما تكون لورا مشغولة في أعمال المنزل، يُجلسها على سقف السيارة بجانب الأدوات و يباشر العمل، يقوم بتسمية أداة لتعطيها اياه، وان لم تكن هي، ولكن مع مرور كل هذه السنوات قامت اوكزافيا بحفظ جميع الادوات و معرفة كيفية تصليح بعض الأمور في السيارة، وكان يأخذها أيضََا إلى المستشفى حيث كان يعمل هو، فقد تقاعد منذ مدة، كان يأخذها و يُريها العمل هناك، و يشرح لها كل شيء عن الأجهزة و الأدوات والامراض بالتفصيل، والغريب انها وبالرغم من انها كانت طفلة لاتفقه شيئََا مما يقوله ولكنها كانت منصتة جيدة حقََا، حتى انها كانت تطرح بعض الأسئلة، ففي مرة من المرات حين كانت بالعاشرة من عمرها شرح لها ستيف عن مرض السكري، فقالت له :"أتعني ان هذا المرض من الممكن أن يصيب الجميع؟ لم لا نأخذ لقاحََا له؟ كما الحال مع مرض الجمرة الخبيثة؟ لنقي نفسنا منه" صُدم ستيف منها و انها تتذكر ما قاله عن لقاح الجمرة الخبيثة، وهذا دَلّه على أنها تمتلك ذاكرة ممتازة، فقد شَرح لها عن هذا المرض قبل شهر أو أكثر حتى، لكنها لا تزال تتذكره.

Okzafia Potter || اوكزافيا بوتر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن