مُقَدِّمَةٌ

119 26 18
                                    

مَرْحَبًا بِك.

فِي هَذِهِ النُّقْطَةِ عَلَيْكَ اتِّخَاذُ قَرَارِكَ، إِمَّا أَنْ تَقْلِبَ الصَّفْحَةُ أَوْ تُغْلِقَ الْكِتَابَ بِهُدُوءٍ.

فِي الْوَاقِعِ، أَنَا لَا أَضْمَنُ لَكَ أَنْ تُحِبَّ مَا كَتَبْتُ، وَلَكِنِّي لَا أَضْمَنُ لَكَ أَنْ تَكْرَهَ مَا كَتَبْتُ أَيْضًا.

أَنَا أَحْتَرِمُ آرَاءَ الْقُرَّاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ انْتِقَادًا أَوْ مَدِيحًا.

وَالشَّيْءُ الَّذِي لَا أَحْتَرِمُهُ وَلَا أَقْبَلُ بِهِ الْبَتَّةَ وَسَطَ الْأَسْطُرِ هُوَ الشَّتْمُ وَالتَّحَدُّثُ بِأُسْلُوبٍ غَيْرِ لَائِقٍ بِدِينِنَا، فَعَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا مُجَرَّدُ رِوَايَةٍ وَمَنْ بِدَاخِلِهَا مُجَرَّدُ شَخْصِيَّاتٍ نَسْجَهَا عَقْلِيٌّ.

عَزِيزِي الْقَارِئُ، أَنَا أَنْتَظِرُ مِنْكَ أَنْ تَتْرُكَ آثَارًا طَيِّبَةً هُنَا وَلَيْسَ آثَارًا مُلَوَّثَةً تَنْدَمُ عَلَيْهَا لَاحِقًا، فَمَا تَكْتُبُهُ انْعِكَاسٌ لِخَلْقِكَ.

وَ لِأَنَّنِي أُحِبُّكَ، لَا أُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَحْصُلَ عَلَى ذُنُوبٍ مِنْ كَلَامِكَ، لِذَا مِنْ فَضْلِكَ فَكْرٌ قَبْلَ أَنْ تَكْتُبَ أَيَّ شَيْءٍ.

وَكَمَا قُلْتُ، أَنَا أَقْبَلُ النَّقْدَ، فَلَا تَكْبَحْ مَشَاعِرَكَ وَاسْكُبْهَا، وَلَكِنْ بِلُطْفٍ، فَالزُّجَاجُ قَابِلٌ لِلِانْكِسَارِ عِنْدَ سَكْبِ مَاءٍ سَاخِنٍ فَوْقَهُ.

لَقَدْ كَتَبْتُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِحُبٍّ، عَسَى أَنْ تَكُونَ مَأْوًى لِي أَحَدُكُمْ يَلْجَأُ لَهَا مَتَى مَا شَعَرَ بِأَنَّهُ بِحَاجَةٍ لِرَاحَةٍ أَوْ كَغِطَاءٍ يَأْتِي لِيُعَانِقَهُ بِسَبَبِ الْبَرْدِ. لَقَدْ خَطَّطتُ أَسْطُرِي فَقَطْ لِجَعْلِ مَنْ يَقْرَأُهَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ فِي مَكَانِهِ، حَيْثُ مِنْ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يَكُونَ، حَيْثُ يَجِدُ مَنْ يَحْضُنُهُ بِدِفْءٍ.

أَنَا لَنْ أَسْحَبَكَ مِنْ رَسْغِكَ لِتَبْقَى هُنَا، أَنَا أُدْرِكُ أنَّ لِكُلٍّ مِنَّا ذَوْقَهُ، وَأَنَا أُدْرِكُ كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِثَالِي.

وَأَنَا أُحَذِّرُكَ هَذَا الْبَيْتَ يَخْلُو مِنَ الْفُحْشِ وَالذُّنُوبِ وَلَا يَسْكُنُهُ سِوَى مَنْ رَمَى سَوَادَهُ خَارِجًا وَدَخَلَ نَقِيًّا.

نَحْنُ هُنَا إِخْوَةٌ لَا شِجَارَ بَيْنَنَا وَلَا غَضَبَ، كُلُّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحِلَّ بِهُدُوءٍ وَاسْتِكَانَةٍ.

تَشَابُهُ الْأَفْكَارِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ كَتَشَابُهِ الْأَكْوَابِ وَالْأَطْبَاقِ، إِنَّهَا مُتَشَابِهَةٌ وَلَكِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ بِطَرِيقَةٍ خَاصَّةٍ عِنْدَ التَّعَمُّقِ فِي النَّظَرِ لَهَا، فَفِي النِّهَايَةِ لِكُلٍّ مِنْهَا صَانِعٌ مُخْتَلِفٌ وَلِكُلِّ صَانِعٍ أُسْلُوبُهُ.

أَنَا أَتَوَقَّعُ مِنْكُمْ كُلَّ مَا هُوَ لَطِيفٌ وَجَمِيلٌ مِثْلِكُمْ.

وَالْآنَ هَلْ قَرَّرْتَ أَنَّكَ سَتَقْلِبُ الصَّفْحَةَ أَمْ سَتُغْلِقُ الْكِتَابَ بِلُطْفٍ؟

إذًا هَلْ قَرَّرْتُ قَلْبَ الصَّفْحَةِ؟ إِذَا اتَّخَذَتَ قَرَارَكَ بِقَلْبِهَا، فَجَهِّزْ زَوْرَقَكَ لِأَنَّكَ سَوْفَ تَسْتَعِدُّ لِلْإِبْحَارِ دَاخِلَ طَيَّاتِ مَا خُطْتَهُ يَدَايَ.

كَالْقَمَرِ | [رَسَائِلُ مِنْ مَجْهُولٍ].
آيلا.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 01 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كَالْقَمَرِ | [رَسَائِلُ مِنْ مَجْهُولٍ].حيث تعيش القصص. اكتشف الآن