٣- ضَـــوْءُ ٱلْأَصِــيـلِ

72 8 0
                                    


|قِراءة ممتِعة|

✿⁠

" فِي وَهج الأصِيل، اجتمَع شفَقان مُتقابلان، أحدُهما يغزِل ظِلال اللَّيل، وَ الآخَر يَحفظ ومِيض النهَار فِي أطيَاف الأمَل."


●●●



مَرت الأيَام إثرَ ذلِك بسُرعة ، شَهران قضتاهُما معًا فِي مَنزل «بيَاتريس» تَحضيرًا لِرحلتهما.

جمعُ المَال هنَاك لَم يَكن بالأَمرِ الصعبِ بالنسبَة لهُما. فإتقَان «إيڨلِين» صنعَ أنوَاع مِن الحلَويات وَ توكِيل أحَد الأطفَال بِبيعها لِسكّان القريَة قَد دَر عَليهما بالمَال الكَثير. إضَافة لأموَال «بيَاترِيس» التِي إكتسبتهَا مِن بَيع بَيض دجَاجاتها وَ صُنع الأوانِي الخزَفية.

وَ قَد كَان التعَايش بهَذا المَكان وَ التأقلُم فِي البِداية صَعبا للغَاية . وَ أكثَر مَا كَان يقلِقها تغَير البيئَة المحيطَة بـ «سكَاي» وَ عدَم وجُود أغرَاضها اليومِية وَ طعَامها الخَاص.
لَكن صغِيرتها تلكَ لَا خوفَ عَليها. فَقد أصبَحت سريعًا تتَبول خلفَ شجَيرة الزَيتون وَ تَتمرغ فِي التربَة وَ تتنَاول كُل مَا يقَدم لَها.
كَأنهَا وجدَت حريتهَا أخِيرا لتتبِع غرَائزهَا الطبيعِية.
وَ أظُن أنَ كَلبَة تحمِل رَائحة الترَاب وَ العُشب أمرٌ وَاقعِي أكَثر مِن كَلبة برَائحة غَسول الوَرد وَ عطرِ الفُل.

وَ لِنضف الآنَ أنَ غيَاب سُبل رَفاهية العَيش العصرِية قَد زَاد الأمرَ صُعوبة عَلى «إيڨلِين». فلَا أفلَام ليومِ السَبت ، لَا هاتِف جوَال ، لَا تكِييف وَ لَا وَسائل نقلٍ عَدى العرباتِ التِي تجرهَا الأحصِنة.
وَ حَتى صنعُ الحَلوياتِ عَلى نيرَان الحَطب كَان صعبًا وَ إستمرَت تحرقهَا وَ تفسِدها حَتى أتقَنتها.

لكِن إحَاطتها بالبَشر فِي هَذا المَكان بدَل وِحشة بيتِها البَارد كَان مَا يخَفف عَنها. فقَد تَعلّق الأطفَال بِوجودها ، وَ كَانت تعودُ للمَنزل وَ بين ذِراعيها بَاقات مِن ورُود الغَابة التِّي يقطِفها الصغَار يومِيا لِرؤيَة إِبتسامتهَا فقَط. أمَا الخَالة «مَاي» فمَا فتئَت تُقدِم إرشَاداتها وَ نَصائحها حِين تحتَاجها.

وَ خِلال تِلك الفَترة نشَأت بَين الفَتاتين عَلاقة عَميقة. فَشخصِية «بيَاتريس» التلقَائية وَ المسؤُولة ، إنسَجمت مَع خاصَّة «إيڨلِين» المِهذارَة وَ الوَدودة أصبَحتا فِي ظَرف شَهرين كَما الأختَين ، كُل تعِز الأخرَى وَ تهتمُّ لِأمرِها.

ثُم إنَّ «بيَاتريس» قَد كانَت حَريصة علَى تَغذية جَسدها الهَزيل وَ حَشو معِدتها بِمختَلف الأطعِمة وَ قَد إكتسَبت بعضَ الوزنِ أثنَاء ذلِك.
بِما يكفِي لإمتلاَء وجنتَيها ، وَ إختفَاء شحُوبها وَ الهَالات أسفَل زرقَاويتيها. ليَزول دوَارها ذَاك دُون حَاجة لأيٍ مِن تلكَ الحُبوب.
وَ قد كَان علَاجها حَقا الإهتمَام.

أنثوفيلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن