الفصل السابع والثلاثون : باقة زهور مُميزة

1K 58 126
                                    

أتمنىٰ لكم قراءة ممتعة

صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ على نَبِيِّنَا مُحمَّد

************************************

أتعلم شعور الضعف، والخمول، والصمت الذي يخفي خلفه الكثير من الكلمات، وضِف على كل ذلك.. الحزن.

هكذا كان شعور "أحمد" خلال الأيام الماضية، تتجمع بداخله الكثير من المشاعر المُضطربة والسيئة، فمُنذ إن غادر "يَحيَىٰ" المنزل بعد آخر مُشاجرة قامت بينهم وهو على حالته تلك.

أصبحت شهيته تجاه الطعام مُنعدمة، أصبح تفكيره زائد بطريقة مُزعجة، يُفكر طوال الوقت في كل كلمة تفوه بها إبنه أثناء ثورة غضبه، صوته لا يذهب عن باله نهائيًا، أصبح يتجنب الجلوس مع أشقائه حين يجتمعون سويًا ولا يتحدث إليهم إلا في أضيق الحدود..

وكل ما يفعله هو الذهاب إلى العمل والعودة منه قاصدًا شقته وأغلاق بابه عليه، ويحاول الإتصال بإبنه ولكن لا يتلقىٰ ردًا منه.

وحين فاض به الأمر قرر الذهاب إليه في البنك بعد ما إنتهىٰ دوام عمله ولكنه لم يجده هُناك.. فشعر باليأس يغمره، فقرر العودة إلى المنزل، وحين وصل صعد لشقته ودخل وأول ما مكان إتجهت إليهِ قدميه تلقائيًا هي غرفة "يَحيَىٰ" التي لم يدخلها مُنذ يوم المُشاجرة لأسباب كثيرة بداخله.

فتح الباب بهدوء شديد ونظر إلى كل رُكن بها بتأثر؛ فالغرفة تبدو بحالة مُزرية للغاية أثر التحطيم، والزُجاج المُتناثر بكل مكان، والشهادات المُمزقة والصور المُلقاه أرضًا..

تقدم بخطواتٍ بطيئة نحو الداخل وجلس على فِراش إبنه، من ثم تنهد بعمق فهو لم يتوقع أن تكون بتلك الحالة أبدًا، صحيح إنه قد إستمع يومها لصوت التحطيم الذي يُحدثه إبنه بداخل لكنه لم يمتلك الجُرئة الكافية لدخول إليه أو التحدث معه..

وبعد دقائق قليلة من تفحص كل ما هو حوله نهض من على الفِراش مُقررًا تنظيف كل تلك الفوضىٰ، خلع سُترته واضعًا إيها جانبًا وبدأ بإلتقاط قطع الزجاج من ثم حمل إطارات الشهادات المُحطمة، ومع كل شهادة كان يُمسك بها يتذكر "يَحيَىٰ" حين كان يأتي إليه بها ويُخبره عنها بكل فرحة وحماس، وبالمُقابل كان هو يُقابله بالبرود وعدم الإهتمام.

بدأ بتجميع كل شيء مُحطم يُقابله حتى وقعت عيناه على تلك الصورة التي كانت تجمعه مع إبنه يومًا ما، عكس ما هي الآن؛ فالصورة مقطوعة إلى نصفين!!

ترك "أحمد" ما بيده وذهب بخطىٰ بطيئة وأمسك بكل نصف خاص بالصورة.. النصف الذي يوجد بهِ "يَحيَىٰ" والنصف الآخر الذي يوجد هو به، وتمعن بهما النظر لثوانٍ وتلقائيًا وجد نفسه يُغلق عينيه بحزن شديد ثم زفر ببطء..

هو السبب في كل ذلك!

وضع الصورة بجيب بنطاله من ثم تابع تنظيف باقي الغرفة بقلب حزين.

مَــسَــار | Track Where stories live. Discover now