انها الساعة الخامسة صباحًا...
و أليكس ينظر الى الرسالة بعينين متسعتين... لأن تلك الكلمات، كان يقولها ألفريد فقط.و بعد لحظات من الصمت، أغلق فلاش هاتفه و وضعه في جيبه.
ثم راح و حمل جاك الصغير من على السرير و يضع رأسه على صدره ثم يربطه بالغطاء ليبقى جسده ملتصقًا على جسده بدون أن يحمله .
و قبل أن يتوجه الى النافذة رأى الرسالة التي تركها على السرير بجانب المخدة ، رسالة انتحاره، ليمد يده و يضعها في جيبه ثم يتوجه الى النافذة
و يتمسك بالحبل ثم يقفز من النافذة.كانت السماء لا تزال تمطر بغزارة ، المدينة فارغة من الضجيج بالرغم من أضوائها المبرهجة.
نزل مشددًا كلتا يديه على الحبل حتى وصل و لامست قدميه الأرض...
وقف للحظات غير مصدق أنه حقًا هو خارج المشفى...
نظر الى بناء المستشفى رافعًا رأسه، كله مبلل بفعل المطر الغزير، نظر بعينيه المتعبتين في صمت.ثم أدار رأسه و نظر الى جثة الطبيب الغارقة في دمائه :
- سيكون شكله كفتات الخبز من سطح المشفى.
ثم إستدار مرة أخرى و توجه الى سيارته التي كانت لوالده سابقًا .
و عندما شغلها بعد أن وضع جاك في المقعد الخلفي، نظر الى نوافذ الدرج التي كانت متوسطة على طول بناية المستشفى ليرى أعين أشخاص لامعة و مخيفة غير واضحة ملامح وجوههم، تنظر إلى أليكس كما لو أن ضباعًا تنظر الى فريستهم في صمت.
نظر إليهم ليتمتم مع نفسه في السيارة عند المقود :
- لو لم يغلق ذلك المقنع أبواب الدرج، لكنت لحمًا باردًا الآن.
ثم أدار المقود و توجه بسيارته الى الطريق السريع في صمت، ينظر الى أمامه، الى ذلك الطريق و في داخل عقله تجول أسئلة كثيرة...
أسئلة لا نهاية لها، يريد جوابًا لكل منها...
لكن هناك شيء واحد.... شيء واحد واثق من مصداقيته بالرغم من استحالية تصديقه من طرف العقل البشري .
عندما وصل أليكس بسيارته، فتح الباب و خرج منها تحت المطر الغزير.
أدار رأسه و نظر الى جاك الذي كان نائمًا في عمق على المقعد الخلفي من السيارة .أغلق الباب و تقدم للأمام في صمت، متوجه الى منزله... المنزل الذي يحمل ذكريات حياته...
الذكريات التي صنعها أليكس مع والده، والدته و مع أخيه الصغير ألفريد...
بالرغم من جمال تلك الذكريات، إلا أنها كانت ثقيلة على صدره...
لأنها كانت تزيد من رغبة أليكس في الرحيل... و نسيان كل شيء...وقف أمام باب المنزل... يتذكر كيف كان ألفريد ذو الثلاث سنوات يقف عند الباب و يستقبله بحرارة عند عودته من مدرسة تعليم الكراتي.
وقف و شعور غير مرغوب فيه يسيطر على قلبه الذي يبدو كقلب عجوز .
أمسك أليكس بمقبض الباب، و قبل أن يديره أدار رأسه الى الحديقة التي كانت على يساره ليتذكر ألفريد عندما لطخ نفسه بالتراب و ابتسامة مشرقة على وجهه بالرغم من تلقيه التوبيخ من والدته...
لمعت عينا أليكس... تضببت نظره... و هو يترجى عيناه أن لا تدع تلك الدموع تنهمر منهما بعد أن جاءت احتمالية في داخله.... * ماذا لو كان هدف ذلك المقنع هو قتل ألفريد و ليس حمايته؟ *
كلّم أليكس في داخله مشددًا على مقبض الباب :
" خائف... أنا خائف من فكرة رؤية جثة أخي... إنني خائف جدًا "
ثم أدار رأسه مرة أخرى و نظر الى مقبض الباب، ليديره و يفتح الباب بعد أن أخذ نفسًا عميقًا .
ثم يدلف الى داخل المنزل... لقد كان مظلمًا بشكل كبير...
لم يكن ذلك المنزل مظلمًا أبدًا، بل كان دائمًا مضيئًا و دافئًا....- سحقًا...
مشى أليكس الى داخل المنزل، ينظر الى الأراكي و الى كل مكان كان يجلس عليه...
والدته على الأريكة المتحركة التي تكفي لشخص واحد ، و ألفريد على الأريكة الكبيرة بجانه لأنه يحب أخاه الكبير كثيرًا...ثم نظر الى مائدة العشاء... نظر إليها متذكرًا شكواه من غسل كل تلك الأواني لوحده...
لقد أراد لحظتها لو يكون كل ذلك حلمًا و يستيقظ منه حتى لو كان ذلك غسل أطنان من الأطباق كل يوم...
ثم نظر الى المطبخ من بعيد... نظر إليه... ليرى والدته تغني بينما تجهز العشاء بسعادة...
ثم تُخرِج صينية الكعك من الفرن....لقد استسلمت عيناه... و انهمرت دموعه...
إنها لا ترغب في التوقف... لقد استسلمت... عيناه...
لو لم يكن من أجل أخيه... لهرب من هذا المنزل...- أنا... أكره هذا...
بقي واقفًا للحظات... ثم مسح دموعه... إنه ليس وقت البكاء.
- لندع ذلك لاحقًا...
ثم توجه الى الدرج المؤدي الى الغرف، و عندما وصل للطابق العلوي، توجه الى غرفة ألفريد...
ليفتح الباب، و يجد الرجل المقنع واقفًا ينظر من النافذة، و ألفريد على سريره... لا يزال في غيبوبته التي لا نهاية واضحة لها.
نظر أليكس الى الرجل الضخم الذي كان يعطي ظهره له... لينطق أليكس قائلاً :
- إنه أنت... أليس كذلك؟... أعلم أن هذا الأمر لا يستطيع لأي عقل بشري تصديقه... لكن...
توقف أليكس للحظات، ثم أردف بنبرة هادئة بعينين لامعتين :
- أنا أستطيع معرفة أخي حتى لو كان بجسد مختلف بين مليون شخص...
ثم أردف مرة أخرى بنبرة مرتجفة :
- ألفريد... إنه أنت... أليس كذلك؟...
يتبع...
أنت تقرأ
Wait for me عربي
Mystery / Thrillerلماذا لم تنتظرني؟ لماذا لم تستطع انتظاري؟ أنت أمامي ... فهل ستنتظرني؟