١| الحَافِرَةِ.

88 26 24
                                    

فرنسا، كليرمون فران،السّاعة الرابعة صباحًا.

العاشر من شهر كانون ١٨١٩ القرن التاسع عشر.

_________________________________________________


مع عباب أشعة الشمس الدافئة، تنسج بخيوطها حريرٌ من الضوء لينسدل على تلال قرية لادول ، تغدقها من كل الجهات خطوط من السراخس وشجر التنوب الأبيض تقانته ألاف من المروج الخضراء البهية، والتي إزدانت بأزهار برية.

وعلى احدى التلال، بنى القسيس السابق وعمدة مدينة إترفون، السيد كيفينت...مصنعًا للأحذية وطلب عُمالًا من شتى بقاع كليرمون وبطريقة ما وصل الخبر لآذان أخرى من مدنٍ مختلفة في فرنسا... وقد لُبي طلبه.

في ذاك الوقت ومن ذاك العام، قدِمت قوافل ضخمة تحمل اطفالًا أكبرهم في العاشرة ليعملون في مصنع السيد كيفنت، وهو لم يُعارض بل جعل ذلك العمل تحت وِطأة الواجب وحثهم على الاستمرار في ضخ الأطفال لأعمالٍ شاقة قائلًا بأن ذلك يصب في مصالحهم..وقد ركز على خلق فكرٍ جديد دعى الناس فيه لترسيخ أفكارًا ملتوية في ذهن أطفالهم.

وهناك في ذاك المصنع الكبير، وتلك الغرفة الضيقة ذات الجدران الخشبية المعتقة، والأسرة المسمهرة.

نهض من مضجعِه ببطئ وأخذ يرتدي ما في يديهِ بتؤدة، كان لباس كسائر ما يرتديه الفِتية في هذا المكان، قماشٌ مُعضَّد بلونٍ غُطِسْ في وحلٍ من الكآبة.

وعلى صخبِ صراخهم، وأحاديثهم المعتادة حول ماهية عملهم لليوم، إنقشع ناعس العينين عن خليتهم بخطىً مُسرعة وولج للخارج مندفعًا، مرتديًا حذائه المهترئ، يتجه نحو الأزرق المنساب حيث يتجه معظم من معه، للاستعداد ومُباشرة العمل بعقلٍ واعٍ ونشيط.

وحتى مع إندفاعه للوصول قبلهم والحصول على رقعة مناسبة... كانت تلك الضفة ممتلئة بالمسامير المنتصبة ينتظرون دورهم للحصول على ماءٍ منعش يروي عطشهم ويتنشطوا بهِ.

ولأنهم فتيان يانعين، كان بالفعل عليهم خلع خِلاقِهم المهلهلة ورميها على الأرض والقفز في النهر شبه مُتعرين، يرشون الماء على بعضهم ويغوصون في النهر المُضْمَحِلْ، إصطف ينتظر دوره بعيدًا عن همجيتهم وأفعالهم الصبيانية.

وبعد وقتٍ وجيز، جاء أحد المكلفين في مراقبتهم، يصرخ عليهم بأقبح العبارات ويُنازع كِرشتهُ للمشي مستقيمًا، خرج معظم من في الزرنوق يجرون لأعمالهم بأجسادٍ مبللة مُمسكين البعض بِخِلاقهم، بأساريرهم المتهللة وأنفاسٍ مرتجفة، بعد أن باغتهم السيد كانتوف أبيجال يعقد حاجبيه بوجهٍ يمتقع بحُمرة الغضب.

خلى النهر تقريبًا، وبقي عدد بسيط من الصبيان.
ليست بِعادة الصغير اللعب مهم، ولا أن يغتسل مباشرة.. كان يتعمد الإنتظار بحجة أنه لا يوجد إتساعٌ له، أو يتعذر باختلاف جسدهِ الضئيل عن أجسادهم المنتصبة إذا سُئِل.

دينالسي دوتافيك. Denalci Dutavic.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن