4

69 5 0
                                    




مَر يَومين وَ أنا لازِلتُ عَلى حَالي، أنامُ عَلى أحدُ المَقاعِدِ العَامة لِسَاعتين وَ إن حَالَفني الحَظ سأنامُ أربع سَاعات، لَيأتي أحدُ المَارا يُقظني لِظنهُ إنني تائِه أو هارِب، وَ أنا فِعلًا.

الشَمسُ بَدأت بالطُلوع شَيئّا فَشَيئًا حَتى أصبَحت تؤذي عَيناي، أغمَضتُها بِشِدة مُتَجَنِبًا ضَوءها السَاطع، أطلَقتُ تَنهيدة وَ أرجَعتُ فَتح عَيناي بِبُطء مَع وُقوفي، لا أستَطيع البَقاءَ مُستَلقي هَكَذا فَحسِب

بالرُغم مِن كُلِ هَذا، لَستُ نادِمًا عَلى هُروبي
شَعرتُ بالصُداع لِكُثرِ الحَديثِ داخِل رأسي لِتَخرُج تَنهيدة أُخَرى، أنظُرُ لِلسَيَّارات السَريعة وَ لِلعَابرين

رأيتُ طِفلةٍ عابِسة بِزّيٍ مَدرسي تُحاوِل حَبسَ دُموعِها، بَينَما تُمسِك بِيدِ إمرأةً مُتَزينة بَدَت كَأُمِها
أستَمريتُ بالتَحديقِ لَها حَتى بَدت غَيرِ واضِحة لِبُعدِها

لا أعلَم لِما هَذا المَوقِف أشَعرني بِسَعادة مَع كَونِه عادّي، أحُبُ الأطفال

نَهَضتُ مِن المَقعَد أُمدِدُ جَسَدي بِنَشَاط، أشعُر بِأنَ اليَومَ سَيَكون جَيدًا، أرجو ذلِكَ حَقًا ..

غَسَلتُ وَجهي بالمَاء المُتَبَقي في القِنّينَة، شَربتُ البَعض وَ أنتَهت
كُنتُ سأرميهَا بِعَشوائية لَكنّني أدرَكتُ نَفسي، لِذا أخذتُها مَعي

شَعرتُ بِمُعَدتي تَحرُقني مِن شِدة الجوع لِأُرَبِت عَليها بِإبتِسامَة لا أعلمُ سَببُها، فَتحتُ حَقيبَتي آخُذُ بَعضَ المالِ واضِعَها في جَيبُ بِنطالي


لَبستُ الحَقيبة وَ بدأتُ بالمَشي مُحَدِقًا بِكُلِ شَيئًا حَولي لَعلَ وَ عَسى أجد شَيئّا ذو فائِدَة
أتى بِبالي المَقهَى الدَافِىء ..
"أرغبُ بالذِهاب لَه" فَكرتُ هامِسًا

لَكن لا اظِنهُ خَيارًا جَيدًا فأنا جائِع حَقًا، سأبحَثُ عَن مُتَجرًا صَغير وَ رَخيص





بَعد المَشي وَ البَحثِ لِعدة ساعات لا عِلمَ لي بِعَددُها، كُنتُ قَد وَجدتُ لِلخَشبِ وَ كانَ مالِكهُ كَبيرًا في السِن، لِذا عِند سُؤالي لهُ قَد قَبلتي بِسُرور وَ عامَلني بِلُطِف حَقًا، كَانَ يبدو قَلِقًا..
لا أعلمُ أ-كَرهتُ ذلِكَ أم أحببَته
كَرهتُ شُعورَ الشَفقة الّتي حاول إخفَاءُها عِند رويَتهُ لِنُحلي الشديد ، وَ أحببتُ كَون هُنالِكَ مَن قَد يَقلق عَلي ..

أصَريتُ عَلى العَمل مُنذُ اليَوم مَع إنَ العَم جوناثان لَم يَطلب مِني هَذا، صراحةٍ، لَم أسألهُ عَن الراتِب حَتى، لا بأس بأي شيئًا بَسيط.










"جونقان لَقد إنتَهى وَقتُ العَمل يُمكِنكَ المُغادَرة بُني"
أردَف العَم يَضعُ يَدهُ عَلى كَتفي، لاحَظتُ السَاعة خَلفهُ وَ الّتي تُشير لِلسابِعة مَساءً، لَم أرد بَعد ليقَول بِإبتِسامَة
"أ-مَسكَنك بَعيدٌ بُني؟ أ-لا بأس بِدَعوتَكَ عَلى وَجبة؟ تَهنئةً لِعَملكَ"

تَرددتُ قَليلًا.. لِما تَقبل وُجدي بِهَذا السُرعة وَ لِما هو لَطيفٌ جدًا مَعي! أ-هَذه هي شَخصيتُه؟ لا أعلم لكِني لَست خائِفًا، أنا فَقط إستَغربتُ فِعلهُ فَحسب..

"أ-لَن أكون مَصدر إزعاجٌ لَكَ؟"
قَلتَ ما بِخاطِري لِيَنفي بِرأسهُ
"ما المُزعجُ فيكَ بُني، أنتَ طِفلٌ يُعاني.."
قالَ لِأصمُت.. أ-أنا حَقًا أُعاني؟ هُنالِكَ مَن يُعانونَ أكثرَ مِني.. مُعاناتي لَيست شَيئًا يُذكر

"أيُّها العَم أنا أبلغً السادِسة عَشَرة بالفِعل، لَستُ طِفلًا لا تَقلق حولي، لَكن لا بأس يُمكنني قُبولَ وجبَتكَ"
تَذمرتُ لِشُعوري بالأرتياح حَولهُ..
أبتَسمَ هو يومأ بِرأسهُ لِنَخرُج مَعًا، أنتَظرتهُ ليُصِد البابَ ثُمَ أتى نَحوي


"سَأطبعُ لَكَ نُسخَةً غَدًا جونقان"
قالَ وَ يَبدو سَعيدًا، أ-كانَ وَحيدًا حَتى يفرح بي لِهَذه الدَرجة؟
لا أعلم لَكني أردتُ البُكاء لَأخُذ نَفسًا عَميقًا بينَما أومأ بِرأسي

بَعد دَقائِق لَيست كَثيرة دَخلنا لِكُشك صَغير، هَذا ما كُنتُ أُريده!
مَشيتُ خَلفَ العَجوز بينَما كَان يَتَكَلم مَع رَجًلٌ آخر كَبيرٌ بالعُمر  خَمنتُ كَونه صَديقه
"هَذا جونقان، لَقد بَدأ العَمل مَعي اليَوم"
قالَ يُمسِك بِكَتفي لأستَوعب إنهُ يَقصُدني، أنحَنيتُ سَريعًا لِيَبتَسِم لي، مَلامِحه بَدت مُتَفاجِئة عِندما رأني قَبلَ أن يَبتَسم

جَلستً أنا وَ العَم عَلى الطاوِلة القَريبة مِن الرَجُل وَ الّذي غادَرَ يَجلبُ لَنا الطَعام،
عادَ سَريعًا وَ يَحمِل بَيَده صينية بِها ثَلاثَ صُحون، وَضعها وَ ذَهب لِيَعود وَ معهُ كُحول وَكأسين

كانَا العَجوزان يَتَحَدثانِ طَيلة الوقت وَ لَم أُشارِكَهمُ حَرفًا، كُنتُ مَليءً بالأفكار حَتى أنتَبهتُ إنَ العَم كَان يُشير إلي
"بُني لِما لَم تأكُل شَيئًا لِلأن؟ سَيبرُد الطَعام كُل!"
حَدثني لِأستَوعب عَدم أكلي حَقًا، مَع إنّي كُنتُ أتَضورُ جوعًا
اومأت لهُ، أقومُ بأمساك عيدانِ الأكل أخذُ أول لُقمة..
شَعرتُ بالنَعيم! إنه شَهي! اكلتً بِنَهم وَ جوع لأكون أنهَيتُ طَبقي بِقلة دَقائِق، لم أتنَفس حَتى

"أ-تُريد المَزيد؟ لا بأس عَلى حِسابي"
يقولُ جوناثان لأنفي لهُ، لَم أعتَرض عَلى كَونه مَن سَيَدفع، سأعوضهُ حالما أستَلم راتِبي، أجل.









−− ·· −· ··· ··− −· −−·

what do u think?

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 16 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الجَريمة الثانية | هِيونان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن