مرَّ أسبوعٌ كامل منذ انطلق إسماعيل ونوءه في رحلتهما، وكان القلق يتزايد في قلب رشا وأمال. كانا قد أخبراهما أن الرحلة لن تستغرق أكثر من يومين أو ثلاثة، لكن الوقت قد مرَّ ولم يظهر لهما أي أثر. جلست رشا في غرفتها، تحمل في يدها مسبحة صغيرة، تردد الأدعية بصوتٍ منخفض، متمنية أن تكون ابنتها وزوجها بخير. على الجانب الآخر، كانت أمال تجلس في صالة البيت، تحدق في الباب كما لو كانت تتوقع دخولهما في أي لحظة. شعورٌ بالخوف تسلل إلى قلبها، لكنها كانت تحاول أن تتمسك بالأمل، رغم كل شيء.دخلت ريم إلى منزل أمال، ملامحها هادئة ولكن عينيها كانت تخفي قلقاً دفيناً. "أمال، هل من أخبار عن نوءه وإسماعيل؟ لقد مر وقت طويل ولم يظهروا بعد، وهذا يقلقني كثيراً". رفعت أمال نظرها إلى ريم، وقالت بتردد: "قالوا إن الرحلة لن تستغرق أكثر من ثلاثة أيام، لكن مر أسبوعٌ الآن... نحن قلقون بالفعل، لكن نحاول أن نتمسك بالأمل. ربما واجهوا بعض الصعوبات في الطريق".
حاولت ريم إخفاء ابتسامة خبيثة خلف قناع القلق الذي أظهرته، وقالت بصوتٍ مشوب بالريبة: "أخشى أن يكون قد حدث لهم شيء سيء... أشعر بعدم الارتياح".
حاولت أمال التماسك أمام كلمات ريم، لكنها شعرت بوخزٍ من القلق يتزايد في صدرها. "سيكونون بخير، ريم. لا تجعلي مخاوفي تتفاقم أكثر". لم تُجب ريم، بل استدارت بهدوء وغادرت المكان، تاركةً أمال تغرق في دوامة من الأفكار المتضاربة.
في منزل الحكيم موزي، كانت نوءه تجلس بجانب إسماعيل الذي ما زال مستلقياً على الفراش. نظرت إلى وجهه الذي كان يبدو شاحبًا، وكأن الحياة قد فارقته. لم تكن تعرف ما إذا كان سيتعافى أم لا، لكن قلبها كان مفعمًا بالأمل، حتى وإن كان أملًا ضئيلًا. كانت يداها تمسك بيده الباردة التي كانت مثل قطعة من الجليد. تمنت لو تستطيع أن تفعل شيئًا لإنقاذه، لكن كل ما بيدها هو الانتظار.
الحكيم موزي كان قد وضع على جروح إسماعيل بعض الأعشاب والزيوت التي كان يأمل أن تساعد في شفائه، لكن كل محاولاته باءت بالفشل. نظر إلى نوءه بحزن وقال: "لقد فعلت كل ما بوسعي، لكن جروحه عميقة. نحتاج إلى شيء أكثر فعالية... شيء يمكنه أن يعيده إلى الحياة".
تذكرت نوءه فجأة السائل الذي تم استخلاصه من الزهرة قبل أن تتمزق. "ماذا لو استخدمنا السائل الذي لدينا في المنزل؟ لقد أخذناه من الزهرة قبل تمزقها، ربما ما زال يحتفظ بقوته".
هزَّ موزي رأسه وقال: "قد يكون ذلك ممكنًا، لكن العودة إلى المنزل ستكون رحلة صعبة وخطيرة، خاصةً وأنك بمفردك الآن. قد لا تتحملين مشقات الطريق أو حتى ركوب الفرس أدهم".
نظرت نوءه إلى موزي بإصرار، وقالت: "سأفعل أي شيء لإنقاذ حياة زوجي. أعرف أنني لست بقوة إسماعيل، لكنني سأتحمل. عندما جئت إلى هنا، كان أدهم يجري بسرعة، لكن بدون عنف. سيعرف كيف يحملني بأمان".
لم يجد موزي ما يقوله أمام إصرار نوءه، لكنه قال بتحذير: "إذا كنت مصممة على الذهاب، فكوني حذرة جدًا. الطريق طويل وخطير، خاصةً وأن الجو يبدو غريبًا هذه الأيام".
أخذت نوءه الخريطة واستعدت للرحيل. حاولت الصعود على ظهر أدهم، لكنها لم تستطع في البداية. اقترب موزي منها وقال مبتسمًا: "بدأت المتاعب من الآن"، وجلب لها كرسيًا خشبيًا لتقف عليه وتصعد. ضحكت نوءه قليلاً قبل أن تتمكن أخيرًا من الصعود على ظهر أدهم.
بدأت رحلتها الطويلة نحو المنزل. كان أدهم فرسًا ذكيًا، يحاول الجري بسرعة ولكن بدون عنف، حتى تستطيع نوءه الاستقرار على ظهره. وبينما كانت في الطريق، شعرت بتغير في الجو. نظرت إلى السماء ورأت السحب تجتمع فوقها. كان الرعد يملأ السماء وصوت البرق يخترق الهواء. اشتدت الرياح قليلاً، وشعرت نوءه بأن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث.
توقفت أدهم فجأة، وكأنه يشعر بالخطر القادم. أدركت نوءه أن هذه ليست مجرد عاصفة، بل كانت علامات تشير إلى شيء أكبر. كانت تشعر بالخوف يتسرب إلى قلبها، لكنها حاولت التماسك. فجأة ظهرت ريم أمامها، وجهها مظلم وعيناها تلمعان بشكل مخيف.
قالت ريم بنبرة تهديد: "أنا من مزق الزهرة. أنا من أطلقت العاصفة، وأنا المسؤولة عن هجوم الذئاب عليك وعلى زوجك. لقد تركتكم للحياة بإرادتي، لكن إن لم تنفذي ما أطلبه منك، فلن تري إسماعيل مجددًا".
نظرت نوءه إلى ريم بغضب وقالت: "لن أسمع لما تقولينه، ولن أفعل أي شيء تطلبينه مني".
غضبت ريم بشدة، وتحولت عيناها إلى اللون الأسود تمامًا. أطلقت صرخة مدوية، وانطلقت منها قوة هائلة شبيهة بالعاصفة القوية نحو نوءه. لم تستطع نوءه مقاومة هذه القوة، وسقطت من على ظهر أدهم. أخذت ريم نوءه معها، وتركت أدهم وحده في وسط الصحراء.
في هذه الأثناء، كانت أمال تشعر بقلق متزايد بسبب اختفاء ريم المفاجئ أيضًا. لم تكن فقط ريم مختفية من بيتها، بل من القرية بأكملها. كان الأمر غريبًا للغاية، لكن ما أثار قلقها أكثر هو اختفاء إسماعيل ونوءه لليوم الثامن. فكرت في إبلاغ أهل القرية باختفائهم، لكنها كانت تخشى أن تكون هذه مجرد مخاوف غير مبررة.
نعود إلى نوءه، حيث نجد أن ريم قد قيدتها بسلاسل حديدية بين صخرتين عملاقتين. كانت عينا نوءه مليئة بالغضب تجاه ريم، بالكاد تصدق ما فعلته. كانت ريم تقف أمامها، تسخر منها قائلة: "أنتِ لا تعلمين إلى من تتحدثين، أيتها الطفلة".
قاطعتها نوءه بغضب قائلة: "بعد أن أخرج من هنا، سنعلم أنا وأنتِ من الطفلة حقًا".
غضبت ريم بشدة، وتحولت عيناها إلى اللون الأسود مرة أخرى. فجأة، ظهرت كلبان عيناهما سوداء بالكامل، وكانت تبدو عليهما الشراسة المطلقة. أطلقت ريم الكلبين على نوءه، وتقدما نحوها بسرعة رهيبة، وبدت لحظات المواجهة المرعبة على وشك البدء...
**نهاية الفصل الرابع**
أنت تقرأ
سر الزهرة الذهبية ٢ (حرب القوى)
Fantasy"سر الزهرة الذهبية ٢ (حرب القوى)" رأينا في الجزء الاول من القصة ريم وهي تمزق جزء من الزهرة الذهبية املا في ان تأخذ قواها لكن ما حدث ان الزهرة الذهبية غضبت من ريم لانها مزقتها (آذاتها) فصارت قوى الزهرة قوى شريرة فقط وبكنها تصيب من يلمسها بعد تمزقها م...