||1: فتاة ذات نظرة حادة||

38 7 3
                                    


لا تلتفتْ إليَّ هكذا، لا تنظرْ إليَّ وكأنك ترى قلبي. أنا خبَّأتُ أحزاني لأيامٍ طويلة، وأظهرتُ قوتي دومًا، فلا تنظرْ إليَّ وكأنني سأبكي بعد قليل

...

كانتْ تنتظرُ في ذلك الممرِّ الفارغِ، بينما تراودها مئةُ فكرةٍ لتركِ المكانِ والتراجعِ عمَّا كانتْ ترغبُ في فعلِه. لكن لا! المبلغُ الذي دفعتهُ لن يذهبَ سدى، صحيح؟

ورغمَ وجودِ العديدِ من المقاعدِ، هي اختارتِ الوقوفَ والاتِّكاءَ على الجدار، بينما تهزُّ بقدمِها دون توقف، وليس بسببِ القلقِ أو الارتباكِ، هي فقط عادةٌ لديها!

"آنسةَ ماري ريفنز، الطبيبةُ بانتظاركِ."

بعد سماعها لصوتِ المساعدةِ التي كانتْ تعملُ على مكتبِها، تنهدتْ ماري، واعتدلتْ في وقفتِها لتظهرَ هيئتَها. كان طولُها متوسطًا، فهي لم تكنْ قصيرةً وليستْ بطويلة. كانتْ تملكُ أعينًا حادَّةً، وهالاتٍ خفيفةً، لكن أضافتْ لعينيها الحادتين سحرًا آخر. بشرتُها بيضاءُ مسمرةٌ قليلاً من أشعةِ الشمس، وحواجبُها كثيفةٌ وتتناسبُ مع شعرِها البنيِّ البندقيِّ الكثيفِ والطويل. شفتيها دائريتانِ ممتلئتانِ، تحتويانِ على ملمعٍ شفافٍ فقط، دون وضعِ نقطةِ مكياجٍ أخرى، بينما ترتدي سروالًا أسودَ واسعًا، مع قميصٍ صبيانيٍّ فضفاضٍ بدا وكأنها قامتْ بسرقتِه من شقيقِها الأكبر، وذلك ما حدثَ بالفعل!

اتجهتْ لغرفةِ الطبيبةِ لتدخلَ وتنظرَ حولها بشرود. المكتبُ الذي ضمَّ العديدَ من الكتبِ والملفاتِ، وكذلك الحاسوبُ المحمولُ والآخرُ المثبتُ على سطحِ المكتب. كان يقابلُه أريكةٌ وسريرٌ على جانبِ النافذة. كان كلُّ شيءٍ هادئًا بلوني الأبيضِ والأزرقِ الفاتحِ، ما جعلَها تزمُّ شفتيها وتنظرُ باهتمام، مما دفعَ الطبيبةَ لإلقاءِ أولِ سؤالٍ عليها باستغراب:

"أهلاً آنسةَ ماري ريفنز، يمكنكِ الجلوسُ بالفعل. عادةً السؤالُ الأولُ يكونُ: كيف حالكِ؟ لكن نظرتكِ المستغرِبةَ جعلتني فضوليَّة. هل هناك شيءٌ؟"

استمعتْ ماري لكلامِ المرأةِ أمامها، واتجهتْ للجلوسِ بعدما أخفتْ نظرتَها المستغرِبةَ بسرعةٍ، وأجابتها عن تساؤلِها:

"لا شيءَ مثيرٌ للاهتمامِ، لكن مساعدتُكِ تلك قالتْ إنَّ طبيبةً تنتظرُ، ألم تكوني أخصائيةً نفسية؟ لكن الآن أشعرُ أنني مريضةٌ عقليةٌ دون الخوضِ في أيِّ شيء!"

Auguste winter|| شتاء أغسطسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن