الإمام الرضا (ع) 2 💙✨

23 1 0
                                    

سفره إلى خراسان
ذُكر أنّ هجرة الإمام الرضا من المدينة إلى مرو كانت في سنة 200 هـ.ق، وقال مؤلف کتاب الحياة الفكرية والسياسية لأئمة الشيعة : لقد كان الإمام الرضا في المدينة حتى سنة 201 هـ، ودخل مرو في رمضان من نفس السنة.

وجاء في تاريخ اليعقوبي أنّ المأمون أمر الرجاء بن الضحاك - وهو من أقارب الفضل بن سهل - بجلب بالإمام الرضا من المدينة إلى خراسان عن طريق البصرة. وقد حدد المأمون مسيراً خاصّاً لقافلة الإمام خشية من أن يمرّ الإمام على المناطق التي تقطنها الشيعة، ويلتقي بهم فأمر أن لا يأتوا به عن طريق الكوفة بل عن طريق البصرة و خوزستان وفارس ومنه إلى نيسابور. فهكذا ستكون حركة الإمام استناداً لكتاب أطلس الشيعة: المدينة، نقره، هوسجة، نباج، حفر أبي موسى، البصرة، الأهواز، بهبهان، إصطخر، أبرقوه، ده شير (فراشاه)، يزد، خرانق، رباط بشت بام، نيسابور، قدمكاه، ده سرخ، طوس، سرخس، مرو.

من أهم وأوثق ما حدث في هذا الرحلة الطويلة حديث الإمام في مدينة نيسابور المشهور بحديث سلسلة الذهب.

ذكر الشيخ المفيد أن المأمون قد أنفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم الرضا علي بن موسى، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاؤوه بهم. وكان المتولي لأشخاصهم المعروف بالجلودي، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم داراً، وأنزل الرضا علي بن موسى داراً، وأكرمه، وعظّم، أمره. ويختلف الشيخ المفيد في روايته هذه مع اليعقوبي في كون رسول المأمون لجلب الإمام هو الجلودي لا الرجاء بن الضحاك.
مخفيّاً عنّا، فهو يدعو الناس لنفسه، أردنا أن يكون ولي عهدنا كي تنتهي الأمور لصالحنا.

وقد أدرك الإمام الرضا هدف المأمون وغايته، حيث قال له: أنت تريد أن يقول الناس: لا يُعرض علي بن موسى عن الدنيا، بل إنّ الدنيا أعرضت عنه ألا ترونَ كيف قبِلَ بولاية العهد طمعاً بالخلافة. وتجلى هذا المنطق في جواب من كانوا يسألون الإمام عن سبب قبوله لولاية العهد قائلاً: قبلتها مكرهاً. والدليل على ذلك الشروط التي وضعها الإمام لقبوله ولاية العهد فهي في الحقيقة إعلانٌ لبراءته من حكومة المأمون. ومع ذلك كله لم يدم الأمر طويلاً حتى ثار العباسيون في بغداد، وخلعوا المأمون، وبايعوا إبراهيم المهدي من جهةٍ، وأدرك العلويون مكر المأمون، فواصلوا ثوراتهم، وتمرّدهم ضد حكومة المأمون، وبهذا تيقّن المأمون أنّ مخططه قد فشل، فقرر تصفية الإمام الرضا والقضاء عليه.

المناظرات:
بعد قدوم الإمام الرضا مكرهاً إلى مرو قام المأمون بعقد مجموعة من المناظرات العلمية التي حضرها مختلف العلماء، وكانت تتمحور في الغالب حول المسائل العقائدية والفقهية. وقد أدرج الطبرسي قسماً منها في كتابه الموسوم بالاحتجاج ومن تلك المناظرات:
الاحتجاج في باب التوحيد والعدل
مناظرات علي الرضا#الاحتجاج في باب الإمامة
مناظرات علي الرضا#الاحتجاج مع المروزي
مناظرات علي الرضا#الاحتجاج مع أبي قرة
احتجاج مع الجاثليق (مع أهل الكتاب)
الاحتجاج مع أهل الكتاب (رأس الجالوت)
مناظرات علي الرضا#مع الزرادشتيين
مناظرات علي الرضا#الاحتجاج مع رأس الصابئة .

أسباب إقامة المناظرات:
كان المأمون يهدف إلى إزالة الاعتقاد السائد لدى عامّة الأمّة حول أئمة أهل البيت من أنّهم ذوو (علم لدُنيّ)، وفي هذا يقول الشيخ الصدوق: «كان المأمون يجلب على الرضا من متكلمي الفرق والأهواء المضلة كل من سمع به حرصاً على انقطاع الرضا عن الحجّة مع واحد منهم وذلك حسداً منه له ولمنزلته من العلم، فكان لا يكلم أحداً إلاّ أقرّ له بالفضل، والتزم الحجة له عليه».

ولما أحس المأمون في نهاية المطاف بتمكن الإمام من إفحام المناظرين وأنّ الأمر بدأ ينعكس عليه سلباً أخذ بالحدّ منها، وقد أشار إلى ذلك عبد السلام الهروي حيث قال: رُفِع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى ( يعقد مجالس الكلام والناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون، فطرد الناس عن مجلسه، وأحضره، فلما نظر إليه المأمون زبره، واستخف به، فخرج أبو الحسن من عنده مغضباً وهو يتمتم بشفتيه..داعيا عليه.

صلاة العيد:
بعد أن بويع للإمام بولاية العهد في السابع من شهر رمضان عام 201 للهجرة. أطلّ الأول من شوال عيد الفطر فطلب المأمون من الإمام الرضا أن يصلّي صلاة العيد.
روي عن ياسر الخادم والريان بن الصلت أن المأمون لما عقد للرضا بولاية العهد أمره بالركوب إلى صلاة العيد، فامتنع، وقال: قد علمت بما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الأمر، فاعفني من الصلاة، فقال المأمون: إنما أريد بذلك أن يعرفك الناس، ويشتهر فضلك، وترددت الرسل بينهم. فلما ألح المأمون عليه قال: إن أعفيتني كان أحب إلي، وإن أبيت فإني أخرج كما كان يخرج النبي ﷺ وعلي ، فقال المأمون: اخرج كيف شئت.
وأمر القائد والجند والناس يبكروا بالركوب إلى باب الرضا (. فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات والسطوح، واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه، وصار القادة والجند إلى بابه، فوقفوا على دوابهم حتى طلعت الشمس، فاغتسل، ولبس ثيابه، وتعمم بعمامة قطن بيضاء، وألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفيه، ومس طيباً، وأخذ عكازاً وقال لمواليه: افعلوا كما فعلت.
فخرجوا بين يديه وهو حاف وقد شمّر سراويله إلى نصف الساقن وعليه ثياب مشمرة. فمشى قليلاً ورفع رأسه إلى السماء، وكبّر، وكبّر مواليه معه، ثم مشى حتى وقف على الباب. فلما رآه القواد والجند على تلك الصورة سقطوا إلى الأرض وكان أحسنهم حالاً من كان معه سكين قطع بها شرابة جاجيلته ونزعها وتحفى وكبّر الرضا وكبر الناس معه، فخيّل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه.
وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لما رأوا، وسمعوا تكبيره. وبلغ المأمون ذلك، فقال له الفضل: إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس، وخفنا على دمائنا! فبعث إليه المأمون: قد كلفناك شططاً وأتعبناك، ولا نحب أن تلحقك مشقة، فارجع، وليصل بالناس من كان يصلي بهم. فدعا بخفّه فلبسه، وركب، ورجع.

مشهد حلم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن