الحارس الغامض

1 0 0
                                    

### الجزء الثاني: الحارس الغامض

كانت ليلى تقترب ببطء من البرج الأسود، الذي بدا كأنه يرتفع بلا نهاية في السماء. لم تكن تعرف كم من الوقت قد مضى منذ أن عبرت البوابة، لكن الشمس في هذا العالم كانت تتوهج بلون ذهبي غريب، مما جعل الوقت يبدو مختلفًا تمامًا عما اعتادت عليه. مع كل خطوة تخطوها، كان الضباب الكثيف يتنحى جانبًا، كاشفًا عن ممر ضيق يقود إلى قاعدة البرج.

وصلت ليلى أخيرًا إلى أسفل البرج، وكانت تواجه بوابة ضخمة مصنوعة من معدن لا تستطيع تحديده. كانت البوابة مزينة برموز قديمة محفورة بدقة، تشبه تلك التي كانت تحلم بها أحيانًا في لياليها الأكثر غرابة. وضعت يدها على الباب، وكان باردًا بشكل غير طبيعي، لكن عندما ضغطت عليه برفق، فتح ببطء ودون صوت، كاشفًا عن ممر طويل ومظلم داخل البرج.

ترددت ليلى للحظة، ثم أخذت شهيقًا عميقًا ودخلت. الممر كان مضاءً بشعلة خافتة معلقة على الحائط كل بضعة أمتار، مما خلق جوًا غامضًا ورهيبًا. كانت تسمع صوت أنفاسها وهي ترتد عن الجدران الحجرية، وصوت خطواتها يتردد في المكان.

بعد دقائق من السير في الممر الطويل، وصلت ليلى إلى قاعة واسعة. كانت القاعة فارغة تقريبًا، باستثناء تمثال ضخم في وسطها. التمثال كان لرجل يرتدي درعًا ضخمًا، ويمسك بيده سيفًا ضخمًا. عيني التمثال كانت مغمضتين، ووجهه يعكس هدوءًا قاتلًا.

بينما كانت ليلى تتفحص التمثال، بدأ فجأة يتحرك. تراجعت خطوة إلى الوراء، ممسكة بمقبض السكين الذي تحمله دائمًا معها للدفاع عن نفسها. فتح التمثال عينيه، وكشف عن وهج أحمر مرعب ينبعث من داخله. ثم تحدث بصوت عميق مليء بالقوة:

"من أنتِ، وماذا تريدين من هذا المكان المقدس؟"

ترددت ليلى لوهلة، لكنها أدركت أن التردد لن يفيدها في هذا الموقف. جمعت شجاعتها وقالت بصوت واضح: "أنا ليلى، وقد جئت من العالم الخارجي بحثًا عن المعرفة والقوة التي يمكنها إنقاذ قريتي."

حدق التمثال فيها للحظة، ثم قال: "العديد قد جاءوا قبلك، لكن القليل منهم فقط اجتازوا الاختبار."

قبل أن تتمكن ليلى من الرد، تغير المشهد من حولها بشكل مفاجئ. القاعة اختفت، ووجدت نفسها في غابة مظلمة، أشجارها متشابكة مع بعضها وكأنها تحاول احتجازها. كانت أصوات غريبة تملأ الأجواء، وكأن مخلوقات لا تراها تتحرك بين الظلال.

في هذه اللحظة، أدركت ليلى أن هذا هو الاختبار الذي أشار إليه التمثال. لم يكن مجرد اختبار للقوة الجسدية، بل اختبار للشجاعة والذكاء.

بدأت الغابة تضيق من حولها، والأشجار تحاول أسرها. كانت ليلى بحاجة إلى التحرك بسرعة، لكنها كانت تعرف أن مجرد الركض لن ينقذها. كان عليها أن تفكر بطريقة مختلفة. أغمضت عينيها وحاولت التركيز على تنفسها. تذكرت تدريباتها مع معلمتها الحكيمة في القرية، وكيف كانت تعلمها التفاعل مع الطبيعة بروحها.

تحدثت ليلى بصوت منخفض إلى الأشجار المحيطة بها: "أنا لست عدوًا. جئت إلى هنا للبحث عن طريق يساعدني في حماية ما أحب."

لحظة صمت طويلة، ثم بدأت الأشجار في التراجع ببطء، وكأنها استجابت لطلبها. فتحت ليلى عينيها، ورأت مسارًا صغيرًا ينفتح أمامها. كانت تعرف أن هذا هو الطريق الذي يجب أن تسلكه.

تقدمت بحذر، وعندما وصلت إلى نهاية المسار، عادت القاعة الواسعة إلى الظهور من جديد من حولها. كان التمثال في مكانه، لكن هذه المرة كان مبتسمًا بشكل غامض.

"لقد اجتزتِ الاختبار الأول،" قال التمثال بصوت أقل حدة من ذي قبل. "لكن هذا مجرد بداية. في البرج توجد العديد من الاختبارات التي ستقيس قوتكِ، وشجاعتكِ، وإرادتكِ."

لم تتردد ليلى هذه المرة. رفعت رأسها بثقة وقالت: "أنا مستعدة. أين يجب أن أذهب الآن؟"

أشار التمثال بيده إلى باب آخر في نهاية القاعة. "إلى الأعلى. هناك ستجدين الحقيقة التي تبحثين عنها."

---

ليلى وأسرار العوالم الخفيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن