تَحْتَ ضَوْءِ الْقَمَرِ || 02

8 2 0
                                    

رَسم نجوماً حَولَ جُروحي
..................................................

الحياة كصفحات كتاب، لكل فصل منها دوره في تشكيل هويتنا ورسم معالم طريقنا. الماضي هو ظلٌ يرافقنا، لا يمكن نسيانه أو الهروب منه، ولكن يمكننا التعامل معه بحكمة. لذا فأن أعظم معروف نقدمه لأنفسنا هو مواجهة ما كان، على الأقل هذا ما ندين له لانفسنا ، ثم التجاوز والتخطي ، دون أن ننغمس في تفاصيل ما مضى. الماضي ينتمي إليه، والحاضر حقنا لنعيشه بكل تفاصيله، والمستقبل هو حلمنا الذي نصوغه بأيدينا. في كل لحظة هناك حسابات دقيقة تجري في الكون ، وما علينا سوى أن نعيش اللحظة بكل ما فيها ، فالسعادة الحقيقة تَكمن بالرحلة والاستكشاف ثم بالوصول للهدف .

    ...................................................................  
   

وسط رماد حياتها ، ولدت من جديد بقوة لم تعرفها من قبل. الألم الذي كان معلمها الأول أصبح وقودًا لنار لا تنطفئ، والظلام الذي رافقها ليلًا تحول إلى سلاحها السري

لم تكن قصتها مجرد مأساة عابرة؛ بل كانت مشهدًا أوليًا لملحمة ما. كانت تعلم أن طريق الانتقام لن يكون سهلًا، لكنه كان الطريق الوحيد الذي سيمنحها السكينة التي طالما افتقدتها. خططت بحذر، بذكاء، وبلا رحمة، متخذة من كل جرح طعنة في قلوب أعدائها، ومن كل دمعة وعدًا بالانتصار.

في أعماق الليل، كانت تهمس لنفسها وعودًا صادقة، كل وعد بمثابة حجر آخر في بناء إمبراطوريتها، تلك التي لن يسقطها شيء. كان الانتقام بالنسبة لها ليس مجرد هدف، بل هو السبيل الوحيد للشفاء، والطريق إلى السلطة التي ستجعلها تتحكم في مصيرها ومصائر الآخرين.
وكلما اقتربت من هدفها، كلما أصبحت تلك المرأة، التي وُلِدت من رماد الماضي، أسطورة في عالم لا يرحم، امرأة لا تنكسر، تتربع على عرشها، تاركة خلفها عالمًا مليئًا بالدماء والدموع، لكنها هذه المرة لن تكون الدموع التي تذرفها.

في تلك الليلة، شاهدت أكيرا مشهدًا سيبقى محفورًا في ذاكرتها إلى الأبد. والدها، زعيم عشيرة إيناغاوا القوي، كان يقف أمامها يحاول حمايتها، بينما يتساقط الرصاص من حولهم. والدتها، التي كانت دائمًا ما تحيطها بالحنان ، تحاول إخفاء خوفها لتمنح ابنتها لحظةً أخيرةً من الطمأنينة.

قبل أن تتمكن من استيعاب ما يحدث، سقط والداها أمامها. صدمتها كانت أكبر من أن تُوصف، وتركها ذلك المشهد في حالة من الجمود التام، عاجزةً عن الفهم، عاجزةً عن الحركة. في تلك اللحظة، تحطمت براءتها، واختفى العالم الذي كانت تعرفه إلى الأبد.

وبوصية من والدها كان قد كتبها وقالها لصديقه المقرب كما لو انه شعر بأن وقته لم يتبقى له شيء كان يريد الاطمئنان بأن ابنته ستبقى بأمان دائم حتى ساعة تربعها على عرشه ، لذا تكفل صديقه المقرب بأخذها إلى مكانٍ آمن، إلى ميتمٍ بعيد في إسبانيا . كان ذلك الميتم هو المكان الذي ستحاول فيه أكيرا لملمة أشلاء نفسها الممزقة. مشرفة الميتم كانت تعلم ما حدث لوالديها وتلك اليلة المشؤومة، لكنها أبقت الأمر سرًا، حفاظًا على سلامة أكيرا التي كانت لا تزال صغيرةً جدًا لفهم كل ما جرى.
صديق والدها لم يتركها تمامًا، بل كان يزورها بين الحين والآخر، محاولًا بث بعض الأمل في قلبها المنكسر، لكن أكيرا كانت قد بدأت تنغلق على نفسها. كانت تجلس وحيدةً لساعات، لا تتحدث، لا تبكي، وكأنها غرقت في عالمٍ من الظلام لا نهاية له. كانت تلك الزيارات تذكرها بأيامٍ مضت، بأمانٍ وحنانٍ افتقدتهما، ولكنها كانت تظل صامتة، تكتم كل شيءٍ بداخلها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 12 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Crown of shadows : heart secrets  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن