(الفصل الخامس و الأخير)
- لقد حكيت لك قصتي وكيف وصلت إلى الجزيرة وأيضًا حكيت لك عن تاريخ بلادي وعظمتها , و لكن لا اعلم قصتك أنت.
ابتسم عنخ تيفي في حبور وقال متذكرًا بشيءٍ من الحزن:
- أنا ثعبان من بين 75 ثعبان عاشوا على الجزيرة بالإضافه إلى ابنتي الصغيرة , لكن هناك نيزك سقط على هذه الجزيرة فأحرق الثعابين والطفلة معهم .
إزدرد عنخ ريقه و تابع بوجع :
- ولم يتبقى غيري لأحرسها كما كان أسلافي.
شعر إدريس بالضيق الشديد على هذا الشاب {الجني} الذي فقد عائلته وابنته وسأله ببعض التحفظ:
- لكن أعذرني على سوء فهمي لماذا بقيت بمفردك بعد رحيل عائلتك؟
ابتسم عنخ تيفي بود وقال:
هذه أمانة يا صديقي وأنا لا أخون الأمانة هذه الأرض أرضي وأرض أجدادي من قبلي, لم ولن اتخلى عن ثرواتها التي هي ملكًا لنا ولاأجدادنا من قبل ولأطفالنا جيلًا يسلم جيل وواجبي حمايتها وتسليمها لولي الأمر.
ابتسم إدريس بإحترام لذلك الرجل الذي يرفض أن يباع أو يسرق شبر من أرضه ليتابع عنخ تيفي :
- أنا المكلف بحماية هذه الأرض , لكن تواجهني مشكلة وهي أنني لا يوجد لي وريث ليرث هذه الأرض ويحميها.
صمت عنخ ينظر لإدريس نظرات ذات معنى , نظراته تعني أنه وجد في إدريس الوريث المناسب لحماية هذه الأرض فهو يشعر بولاء و إنتماء إدريس و حبه لهذه الأرض و أنه قادر على حمايته لكن يتبقى أمر يؤرق مضجع عنخ تيفي .
لكن قاطع صمته إدريس بإدراك للموقف الذي هو فيه الآن ليقول و هو يشد فوق شعره بتيه :
- لكن كيف سأعود لوطني أعذرني على مقاطعتك لكن عقلي وبالي منشغولان في العودة لوطني ولأمي التي لابد أن تكون قد وصلنها أخبار غرق السفينة و تفتقدني يجب أن أطمئنها , أنا لا أدري حتى أكانت هذه الجزيرة في الحاضر أم في الماضي كل شيء بها كما لو كنت في العصر المصري القديم عدا تلك الأضواء التي تنير القصر ليلاً نهارًا و تلك التقنيات الحديثة الموجودة بالقصر.
السفر عبر الزمن التفكير به قد يكون ضرب من الجنون , فحسب نظريات العلم الحديث و خاصة نظرية النسبية للعالم أينشتاين يجب أن يسيرالجسم بسرعة أكبر من سرعة الضوء للسفر للمستقبل أما السفر للماضي فهو أمر مستحيل ، و يستحيل على أي جسم له كتلة السير بسرعة أسرع من سرعة الضوء ، ماذا لو سار جسم ما عكس أتجاه سرعة الضوء هل يعود للماض , هل لو عاد شاب في الثلاثينات من عمره للماضي القريب يمكن أن يلتقي الشخص بنفسه في مرحلة الطفولة مثلًا .
عدة تساؤلات توالت على رأس إدريس لكن قاطع تفكيره عنخ تيفي و هو يقول له :
- هذه الجزيرة عبارة عن فجوة زمنية تربط الماضي بالحاضر وأنا مثلك أعبر وأ مر من خلال هذه الفجوة بين العالمين الماضي والمستقبل الذي هو حاضرك يا ادريس.
أمسك إدريس رأسه بألم من الصداع الذي حل به وقال بعدم فهم:
- لا أفهمك أين أنا الآن ؟
ابتسم عنخ تيفي بتفهم وهو يوضح الأمر لإدريس :
- أنت بإحدى الجزر الموجودة بالبحر الأحمر والتي لا وجود لها في حاضرك , أي إنك لست موجود من الأساس في عالمك.
انتفض إدريس واقفًا وقال بقلق :
- هذا يفسر عدم نفاذ شحن هاتفي للآن .
وقف عنخ أيضًا و خطى عدة خطوات وهو يقول:
- لا هاتفك لم ينتهي شحن بطاريته للآن لأن الجزيرة مزودة بالكهرباء الآمنة المتوفرة في كل وقت دون نفاذ أما عن شبكة الإتصال فهاتفك لا يدعم شبكات الإتصال الموجودة في العالم القديم في مصر القديمة كما تقولون عنها.
تحدث إدريس بعدم إدراك قائلًا :
- أي شبكات إتصال وأي كهرباء آمنة تلك التي تتحدث عنها .
تحرك عنخ باتجاه الدرج الداخلي وقال:
-هذا موضوع يطول شرحه وربما أنتم في عالمك الحاضر لم تتوصلوا له بعد , ولن يكون من الصائب أن أشرحه لك .
تابع وهو يصعد الدرج :
- استرح الآن زمن المكوث على هذه الجزيرة أربعة أشهر لا تستطيع المغادرة قبل انقضاء هذه المدة ولن تستطيع البقاء بعد انقضائها.
انقضت عدة أيام وإدريس ما زال يستكشف هذا القصر الخاص بعنخ تيفي ,ولكن في اليوم السابع لوجوده في هذا القصر شعر بالملل وأراد أن يغادر القصر ويكتشف المكان حوله من جديد وهذه الجزيرة لعله يجد طريق للنجاح ربما هذا العنخ يكذب عليه.
خرج من القصر وسار في الجزيرة على غير هدى و شعر من جديد أنه في حلقة مفرغه من اللا شيء كلما ذهب وسار يعود لنفس النقطة وهي قصر ذلك الثعبان شعر بالملل وقد دخل عليه الليل فدخل القصر مرة أخرى ليجد عنخ تيفي يجلس في انتظاره في بهو القصر و سمعه يقول :
- ماذا هناك هل توصلت لشيء؟ هل صدقتني أن هذه الجزيرة لا وجود لها في عالمك وفي عالمي صعب الخروج منها سوى بمساعدتي أو بمعرفة بعض العلوم التي تجهلها على الأرجح.
ضيق إدريس ما بين حاجبيه وهو يصيح :
مستحيل أن يكون هذا الشيء حقيقي وأي علوم تلك التي تتحدث عنها , أنت كاذب .
ابتسم عنخ وقال بهدوء ساخرًا:
- تلك العلوم التي لا تدرس في مدارسكم علوم آبائنا الأولين علوم الأنبياء التي علمها الله لأنبيائه ليعلموها للبشر.
ضحك ادريس بسخريه وقال:
-اي علوم هذه اتقصد علوم السحر ؟
انزعج عنخ تيفي و قال بضيق :
- استغفر الله العظيم لا اقصد أي سحر بل هي علوم الكيمياء والفيزياء والأحياء و المادة و الطبيعة وغيرها من العلوم التي أورثها الله لأنبيائه وعلمائه ألم تسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم {إن العلماء ورثة الأنبياء, إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر} رواه الترمذي و صححه الألباني.
صمت عنخ ووقف إدريس لا يدري ماذا يحدث له , هذا أمر يستحيل على المرء تصديقه لذالك قال متحديًا نفسه قبل عنخ :
- إذا اطلعني على بعض منها .. من هذه العلوم لأصدقك .
قالها ادريس بتحدٍ ليختفي عنخ لبعض الوقت ثم يظهر مرة أخرى وبيده ما يشبه البلورة السحرية لكنها ليست كذلك هي تشبهها فقط في الشكل أما عن كيفية عملها فهي تختلف تمامّا عن البلورة السحرية اطلعه من خلالها على مراحل بناء هرم زوسر والهرم الاكبر(أحد عجائب الدنيا السبع ) ليندهش إدريس اندهاشًا لم يسبق له من قبل ويفقد الوعي ليستيقظ في اليوم التالي لا يتذكر شيء مما رأته عينه يبدو أن كم المعلومات التي وفدت لعقله لن يستوعبها عقله الواعي ففقد الوعي ونسى ما شاهده
بقى أمر الإرث يؤرق مضجع عنخ تيفي فبعد و وفاته من سيحمي هذه الجزيرة استخار الله وقرر إنهاء الأمر برمته وتسليم الجزيرة لولي الأمر في هذه الدولة وهو المسؤول عن حماية هذا الإرث الذي هو خيرات هذه الجزيرة من المعادن النفيسة و الأرض الخصبة فقط أما عن الخيرات الأخرى الموجودة بالجزيرة من جداول ميه عذبة و أشجار و ثمار و تكنولوجيا حديثة فسينتهي أمرها بفصل الجزيرة عن الماضي و إظهارها في الحاضر و بمساعدة إدريس سيكون الأمر قانونيًا وسيظهر وكأنه اكتشاف حديث اكتشفه إدريس وسوف تضع الدولة الحماية الملائمة على هذه الجزيرة ,ولكن تبقى أمر وجود الفجوة زمنية على هذه الجزيرة فهي بوابة بين عالمين , الحل الأ مثل هو فصل هذه الجزيرة عن الماضي وجعلها جزءًا من الحاضر وبذلك سوف تفقد طاقتها وتتحول إلى قطعة آثار وسط الماء جزيرة لا حياه عليها مجرد جزيرة غنية بالثروات المعدنية بعدما تجف جداول المياه وتختفي الأشجار الموجودة بالجزيرة والطاقة الموجودة بها ستكون فقط منجم غني بالمعادن ويكون إدريس هو الوريث القادم لعنخ تيفي خاصة مع عدم وجود وريث له من الجن و إنقطاع سلالة الملوك المصريين
أنت تقرأ
الملاح الغريق بقلمي: زينب العربي
Short Storyالسفر عبر الزمن و التفكير به قد يكون ضرب من الجنون ، فحسب نظريات العلم الحديث وخاصة نظرية النسبية للعالم أينشتاين، يجب أن يسير الجسم بسرعة أكبر من سرعة الضوء للسفر للمستقبل ، أما السفر للماضي فهو أمر مستحيل من الناحية النظرية والعلمية ، و يستحيل على...