الفصل الثاني (شدوان)

13 1 0
                                    

الفصل الثاني)
ليحاول إدريس تهدئة وضع زملائه قائلًا:
- تفائلوا بالخير دلوقتي هتنتهي العاصفة وهتبقى الدنيا كويسة بس استعينوا بالله.
ليدلف سعيد في تلك اللحظة وهو القبطان المكلف بقيادة السفينة وهو يصرخ في طاقمها والفريق الكشفي ليخبرهم أن السفينة على وشك الاصطدام بجسم صلب وهو غير قادر على تحديد ماهيته أو على إيقافها خاصة وأن الموج يلقيها في اتجاه ذلك الجسم الذي ظهر لهم من العدم فيصرخ سعيد قائلا:
- السفينه بتغرق ، بسرعة البسوا لبس الانقاذ يلا  .
ارتدى الجميع ملابس الانقاذ في حين توجه إدريس ليوسف يوصيه على والدته بقلق:
- يوسف لو جرى لي حاجة خلي بالك من أمي أنت عارف ملهاش غيري .
نظر له يوسف بخوف و وولع على صديقه  وقال له محاولُا طمئنته إلى حدَا ما و :
-أنت بتقول أيه كلنا هننجى بأمر الله، مش لسة بتقولنا تفائلوا بالخير .
لكن إدريس كان يعلم أن النهاية قد أزفت فقال لصديقه بعينان غائمتان :
- ربنا يستر أنا قلبي مش مطمن.
لم يكمل حديثه لتندفع المياه وتغرق السفينة وتهطل الأمطار ويضرب الرعد ليصم الاذان واشتعل البرق يعمي الرؤية  و وسط هذه الأجواء "استسلم إدريس للموت المحتم" فنطق الشهادتين و أفترق عن رفاقه بعدما قفز الجميع من السفينة التي كانت اشتعلت بها النيران بالفعل.
  تمسك إدريس بإحدى الألواح الخشبية الباقية من حطام السفينة و ما لبث إلا أن القته الأمواج إلى أحدى الجزر القته بعيدًا عن أصدقائه .
لم يشعر بنفسه إلا  عندما استيقظ ليجد نفسه ممدد فوق الأرض حاول أن يستقيم ليشعر بالآلم في جميع انحاء جسده تحسس ملابسه فإذا بها غير مبتلة ليدرك أنها قد جفت بالكامل فيبدو أنه هنا  منذ وقت لا بأس به لا يتذكر ولا يدري كم من الوقت مر عليه ليجد نفسه على هذه الجزيرة.
تحامل على آلامه واستقام يستكشف بنفسه ما حوله ليجد الكثير من الأشجار ذات الأوراق الكبيرة التي يستطيع المرء أن يستظل بظلها وكذلك النخيل  شاهق الإرتفاع المليء بثمار التمر و وجداول من المياه العذبه زرقاء اللون والصافية بدرجة كبيرة والكثير من الورود الحمراء والخضراء والزرقاء وكذلك تلك السوداء التي جذبت انتباهه لها ليتقدم ليمسك هذه الورود السوداء التي لم يرى  مثيلاتها في حياته يتحسسها بيده ليسمع صوت كصوت البكاء ؛ كلما ضغط على هذه الأزهار و الورود  تبكي من ضغطته عليها، اقترب من جديد يقطفها ليرى دماءٍ تسيل على يده من الوردة السوداء فأعادها ليجدها تعود من جديد لتلتحم من طرفها الذي قطعت منه وتجف الدماء .
ارتعضت  فرائضه فجلس على إحدى الصخور يضع رأسه بين كفيه لا يعلم أين هو تذكر لتوه هاتفه  الذي من المؤكد أنه تلف بسبب المياه فوضع يده بداخل جيبه يخرج هاتفه فوجده بحالة جيده لكن لا توجد شبكة للاتصال تحرك يبحث عن شبكه لكن فزع لم يجد شبكة في أي مكان وقف يلهث شاعرًا بالجوع و العطش التفت إلى إحدى الأشجار التقت منها ثمرة من التفاح مسحها بيده ثم تناولها ونظر حوله  بعدما شرب من جدول المياه الصغير ، يستكشف المكان من جديد  ليجد أن كل شيء متوفر تقريبًا  بهذه الجزيرة طعام وشراب وغيره بحث عن أحد لم يجد أحد حوله تعجب كثيرًا و تسائل في نفسه.
هل خرج خارج مصر؟
هل ما زال داخلي الحدود المصريه؟
بالتأكيد هو داخل الحدود المصرية فالسفينة  لم ترمهم بعيدًا
هم ما زالوا في المياة الأقليمية المصرية.
هل هو على " شدوان"؟
عاد يتسأل من جديد دون فائدة ليرفع صوته مناديًا رفاقه .
- يوسف  سعيد معتز
لا إجابة عاد يجيب نفسه
لكن.. لكن
لكن هم ابعد بكثير من" شدوان" لقد وصلوا إلى "رأس بنباس" يذكر ذلك جيدًا فترة طويلة مرت عليه تعب خلالها من السير فجلس مرة اخرى ينظر لضوء الشمس الساطع في وسط السماء فأدرك أنه وقت الظهيرة و لابد أن صلاة الظهر قد حان وقتها  الآن؛ نظر لهاتفه يفتح برنامج "المؤذن" و الذي   قد ثبته من قبل  على جهازه خاص بمواقيت الصلاة وتجاه القبلة فوجد أنه بالفعل وقت الظهيرة والهاتف يشير أنه ما زال داخل الحدود المصرية وكذلك يشير باتجاه القبلة و التي هي بالشرق من موقعه هذا بحسابات بسيطة مع حساب التوقيت أدرك أنه ما زال على أرض مصر.
حمد الله ، ولكن أين هو ما هذه الجزيرة ؟
هل هي شدوان كما يظن  تلك الجزيرة الباسلة التى شهدت واحدة من أعظم المعارك بين الجيش المصري الباسل و العدو الصهيوني الغاشم ففي عام 1970م حدثت معركة شدوان على أرض تلك الجزيرة حيث قامت قوات العدو بهجوم ضخم بري و جوي أستمر لعدة ساعات ، و تمكنت القوات المسلحة بمشاركة صيادين من الغردقة من صد هجوم الصهيوني  في ذلك الوقت .
لكن هم كانوا قد وصلوا إلى قرب "رأس بنباس" .
أخذ شهيق يتبعه زفير يطالع ما حوله ؛هذه الجزيرة التى هو على أرضها جنة  الله على أرضه عز و جل  لابد أن يشكر الله على هذه النعمة وعلى نجاته أيضًا.

الملاح الغريق بقلمي:  زينب العربي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن