موراي وسينجو

162 32 27
                                    

نستمر ونمضي بحياتنا ،لا نتوقف عند محطة ما ، نخوض التجارب في هذه الحياة ونستمر، لكل منا تجارب خاصة ،كل منا يعيش حياته بحلوها ومرها غير آبه بتجارب الآخرين ، قلة قليله هم أولئك الذين يتوقفون عند محطات الآخرين يعيشون معهم جزء من تجاربهم ،فلا يمكن ومن المستحيلات العالمية أن تعيش تجربة أحدهم ،قد نشعر بشعور سيء ،أو نظهر شفقة لإجلهم ، وقد نكون بلا ضمير نحطمهم وندوس على أحزانهم غير آبهين بمرارة تجاربهم وسوء
عيشهم .

إستيقظ الأشقر عند الساعة السادسة ،نهض من سريره بنشاط وكأنه لم يكن الغارق في عالم الأحلام قبل عدة دقائق ،دخل الحمام التابع لغرفته، غسل وجهه وفرش أسنانه وبدل ثياب النوم إلى ثياب رياضيه رمادية اللون مع حذاء رياضي أبيض إرتداه قبل أن يخرج من باب المنزل ولم ينسى رفع شعره الطويل بعض الشيء بمشبك أبيض وضع سماعاته التي تعمل بخاصية البلوتوث ، وخرج من المنزل وهو بذروة نشاطه الصباحي بدأ بالركض بالشوارع الخالية والقريبه بعض الشيء من منزله.

لم يترك عادته التي إعتاد أن يفعلها مع والده عندما كان صغيراً، حتى بعد ان فقد والده إستمر برياضته الصباحية وكأنها جزء لا يتجزأ من يومه ،بل جعل منها شيء مهم جداً في حياته ليذكره بوالده يومياً وكأنه يخاف أن ينساه في أحد الأيام .

فليس كل من تركنا راحلاً لعالمه الآخر يود منا نسيانه، فلا أحد يختار وقت رحيلة ، لكن بيدنا الخيار إما أن نكون من أولئك الذين يتركون اثراً جميلاً في نفوس أحبتهم ومن حولهم حتى يصعب نسيانهم ، او نكون من أولئك الذين ينشرون البغضاء والكره لمن حولهم حتى يُنسوا في بداية رحيلهم .

كان عقله هائماً بذكريات الماضي ،وروحه إشتعلت حنيناً لمن رحلوا تاركين إياه خلفهم ، وعينيه تظهر لهُ صوراً من ماضيه حتى تحرقه بلوعة الشوق ، كان بداخلة يريد ترك كل شيء خلفه والذهاب لهم ،لكن ليس وكأن الأمر بيده ، فهناك روحاً تصغرة وليست واعية بما يكفي لتخوض الصراعات في هذا العالم وحدها ، تلك الروح هي ما تجبره للتمسك بهذا العالم ، ليس من أجل نفسه بل من أجلها ، فألذي يود حمايته ليس بشخصٍ عادي ، بل هو إرث والديه الثمين له ، وليس من السهل عليه أن يترك هذا الإرث الثمين دون حماية .
.
.
أنهى جولته الصباحية المحملة بالنشاط والحنين والتي إستمرت نصف ساعة، وعاد لمنزله الهادئ ترك حذائه عند الباب وتعمق الى الصالة أنار بعض الاضوء وفتح الستائر والشبابيك التي إحتلت الجدار الذي على اليمين كاملاً ،وكانت مطلة على حديقة المنزل الجميلة والتي أُحيطت بالأزهار ،وخاصة أزهار الجاردينيا التي تحبها والدته ذات العطر الأخاذ
والذي يملأ جو المنزل ، إستنشق عبقها بشهيق طويل وزفرة ببطئ ، زين محياه بإبتسامة جميلة وهو يصعد إلى الطابق الثاني من منزله إنعطف يساراً حيث غرفة إرث والديه له ، فتح الباب ودلف بهدوء وقف بجانب السرير يتأمل نسخته المصغرة عدة لحظات ،حتى مد يده وابعد الغطاء الى النصف عن جسد النائم ووكزه عدة مرات بلطف على كتفه متكلماً بهدوء ولطف : سنايت ياصغيري هيا إستيقظ ، ستصبح الساعة الـسابعة وانت نائم

ما خفي قد ظهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن