عواطفنا و اهتماماتنا هي الساعة الحقيقية التي تضبط الزمن و تطيله أو تقصره ،
أفراحنا تجعل ساعاتنا لحظات ، و آلامنا تجعل لحظاتنا طويلة مريرة ثقيلة مثل السنين و أطول . .
إحساسنا بالسرعة و البطء ليس مصدره ساعة الحائط و لكن مصدره الحقيقي الشعور في داخلنا . . إن ساعة الحائط تقدم لنا زمنا مزيفاً
..
د مصطفي محمود رحمه الله
كتاب: لغز الموت...... ذلك الصوت الرتيب الذي يشق قلب الصمت يحتل كياني ، و ذلك العقرب الذي لا يكل و لا يهمد، يطوف دائماً دون هوادة، لا يشعر بالتعب، أنظر إليه يسبح في نفس الاتجاه، حتي يصل للأكبر منه الذي لايكلف نفسه إلا حركة واحدة ، وذلك المطحون يسابق الرياح حتي يعيد طريقه مرة أخري، و ثالثة ورابعة، حتي أنسي عدد دوراته عند لحظة تحرك الأكبر لتعلن الساعة بلوغ وقت جديد ، هكذا هو الحال، شخص ضعيف يعمل بتفاني، والأكبر يحصل على النتيجه
والمكافأة في النهاية وقت جديد.
أتعجب من ذلك الأرق الذي يصيبني، مشاهد تملاء رأسيّ بصورة دائمة،نيران، صراخ دماء في كل مكان، دوي قلبي يتخطي صوت المدافع، ليأتي طنين يغلف أذني، ثم بعدها أعود لانسي كل شئ، وأتأمل تلك الساعة القديمة ذات السلاسل الذهبية التي تقف شامخة علي عمود منقوش بنقش فرعوني غريب تحفه فنيه من العصر الذي لا استطيع تحديدة ، فهي تجمع ما بين حديث وعتيق، ولا اعلم لمن هي،
نعم هي لا تقدر بثمن، لذا من الصعب بيعها مثل ذلك القصر الكبير الذي تقبع داخله أم أقول
مسجونة خلف أسواره .....ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في زمان بعيد....أجواء عامرة بمظاهر الفرح، فاليوم زفاف ابن سيد القصر السيد مالك رضوان علي الليدي هلچا ابنة السفير البريطاني الثري، نعم ثري فالسيد مالك لاتجذبة السلطة بقدر ما يجذبه المال، لأن الكراسي لا تدوم لأحد هكذا يردد دائماً، لذا عندما أراد أن يزوج أبنه بحث عن المال أولاً، ومن أفضل من السفير البريطاني في نظره حتي ولو لم يرغبها ابنه، لكن القرار أتخذ ، فهل يستطيع أوس المعارضة بالطبع لا، فهو ضعيف الشخصية أمام والده، بعكس أخته فريدة التي سافرت للخارج حتي دون موافقة والدها لكنها قررت وأنتهي ستكمل تعليمها في فرنسا وتصبح رسامة مشهورة، وبالفعل نفذت وقاربت علي نيل شهادتها، لقد ظلت ثلاث سنوات ونصف هناك،لم تأتي ولا حتي مرة واحدة لتري والدتها المريضة،... لكنها ستعود اليوم لحضور الحفل، هكذا سمعت من ذلك الخادم الذي يدعي أدريس أظنه يستطيع أن يخبرني عن شجرة عائلة السيد أيضاً، فهو يعمل في حديقة القصر منذ كان طفل، وهو الآن يبلغ الخمسين من العمر، مظهره لا يدل علي أنه يعلم شئ، لكن ما إن تسأله، تتسربل من فمه الأخبار والمعلومات حتي التى لم تسأل عنها، كأنما ينشد أنشودة الخلود، يحرك يده مع كل كلمة تخرج من فمه، ثم بين كل فنيه وآخري يرفعها ليتأكد من وضع عمامته التي يعتمرها دائماً، وعندما يفعل ذلك، أضحك في سري ولا أظهر له ذلك الأمر، بجلباب أبيض نقي، وبشرة سمراء قاحلة، عيون سوداء واسعة، يبدو مثل الصغار الذين يفرحون بمعرفة الاسرار، يآله من شخص فريد من نوعه، لايبدو مثل السيدة ماري رئيسة الخدم، سيدة عملية ، لا تتكلم إلا بعينها، لم أسمع منها حرف منذ البارحة عندما حضرت أحمل حقيبتي الصغيرة، التى تحتوي علي طاقمين من الملابس واحد للعمل ، وآخر رسمي حتي أعود به،ودفتر للرسم،أخط فيه بعض من أحلامي، التى تتشكل أمامي لتصنع طيور محبة عاشقة، وفراشات ملونه مليئة بالحياه،
أنظر للطعام أمامي فقد حان وقت العمل الذي أنا بارعة فيه، وأنا أستمع لاخبار تلك العائلة التي وظفتني ليوم واحد، واحد فقط، ومن أجل مهمة وحيدة، وهي سلامة السفير البريطاني، مخافة أن يصابه سوء أثناء الحفل ، أخذ عم أدريس يحكي، ويحكي وأنا أتعجب من تحكمات ذلك السيد المدعو بـ مالك وذكائه نعم هو لم يبلغ الاربعين لكن استطاع أن يبني أمبراطوريته الخاصة، وموردها القطن المصري طويل التيلة و تصدره للخارج، وقد بني والده ذلك القصر علي حدود أرضه الزراعيه، لكنه راعي أن يكون قصر مهيب ذو طابع أوربي لعصر بعيد وقد جمع كل قطعة فيه بعناية بالغه، حتي إنه لم يكتفي بما فعل والده، فقد علمت أنه سيحضر تمثال فرعوني الليلة بمناسبة الحفل، قد وجده بعض الفلاحين عند حفرهم بئر جديدة بمحازات الجبل، عم إدريس هذا يستحق أن يعمل مع اسكوتلانديار بكل جدارة فقد علم بأمر التمثال قبل السيد مالك...
أنت تقرأ
بيجاد.. عيون لا تنام . ... بقلم رين علي
Mystery / Thrillerقد تنظر لما أنظر ولكنك لا ترى ما أرى. ― أرسطو مشاركة في مسابقة ست مرايا ومربع فئة الغموض والخيال .