الفصل الثاني

151 15 1
                                    

ويكفيني أنَّ كلّ ما منحته في حياتي كان صادقاً حقيقياً و من عُمق قلبي ؛ ولا مرة أوهمت أحداً بمكانةٍ مزيفة
أو شُعور غير حقيقي ، ولا مرة وهبت كامِل طاقتي لأجل غرض أو مصلحة أو قصد..حتى سلامي أضع فيه كل المودّة والحب واللّين ؛ وهذه أكبر انتصاراتي!
لم تشعر إيمان بالوقت ولا المكان، فنامت منكبة فوق مكتبها والحاسوب مفتوح على رواية نايا، رن هاتفها عدة مرات مابين صوت المنبه واتصالات عمر بها.
سمعت والدتها من الخارج صوت المنبه وجرس الهاتف، كانت مستيقظة مبكراً حتى تطمئن لنزول والد إيمان إلى عمله وإيمان ايضاً.
زفرت بعمق حينما رأت ايمان نائمة هكذا، أي إنها أمضت ليلتها نائمة على مكتبها.
برفق قامت بهز جسدها بخفة مع قولها بهدوء
_إيمان... إيمي، صحصحي حبيبتي
تيقظت إيمان من غفوتها، وأزاحت سماعة الرأس عن رأسها وفركت عيناها مع تمشيط المكان حولها وأردفت
_صباح الخير يا ماما، هوّ أنا نمت هنا وللا إيه؟
_شكلك فضلتِ شغالة على الرواية لحد م نمتِ ع نفسك، يالا قومي خدي دوش على بال م احضرلك الفطار
عشان متتأخريش على شغلك.. على فكرة تليفونك رن كتير
تثائبت إيمان وقالت بصوت يتخلله حشرجة النوم
_دا أكيد عمر
خرجت الأم فقامت إيمان ب إعادة الإتصال ب عمر، وما أن رن جرس هاتفه قام بالرد في الحال
_ايه يا إيمو صباح الفل
_صباح الخير ياعمر، انا آسفة مسمعتش الفون وشكلي نمت مكاني على المكتب لما حاسة ان ضهري هيتقطم
ضحك عمر بخفة وداعبها بقوله
_سلامة ضهرك ي جميل ياقمر انت، يلا فوقي عشان الشغل مش بيستنى حد وكمان مدام راوية قالت انهاردة فيه ميتينج مهم بخصوص قضايا الشهر
_حاضر نص ساعة واكون جاهزة، بس بلاش اركب الموتوسيكل وراك ي عمر خلينا نروح مواصلات
_وبعديين، هنخاف زي العيال الصغيرة!
_وهو انت سواقتك متخوفش، انا قلبي بيفضل يدق كأنه هيخرج من مكانه طول مانا راكبة وراك
لحد م نوصل
ضحك عمر وطمأنها، فنهضت هي كي تبدء يومها وتلحق ب عملها مبكراً، انتهت من تحممها وخرجت صففت شعرها وارتدت ملابسها وتناولت شطيرة جبن سريعاً مع كوب من الشاي وقبلت والدتها وترجلت للخارج منصرفة.
هبطت أسفل البناية ف وجدت عمر ينتظرها بدراجته البخارية، ابتسمت وصنعت بيدها نطق الشهادتين وركبت خلفه مع ضحكاته هو بصوت عالٍ..
وصلا مكتب المحامية راوية عبدالباقي الذي يعملان فيه كمحاميان تحت التدريب بعدما انتيها من دراستهم الجامعية، مضى اليوم بين عمل وبين تناول غدائهم ب أحد المطاعم القريبة من المكان والعودة مرة أخرى يعملان بحزم على القضايا المطلوبة منهم، ومن ثم خرجا ميدانياً يجمعا معلومات حول قضية مهمة لديهم.
مضى اليوم وانتهي يوم عملهم،ولكنه لم يمضي على خير فقد قام عمر بالإحتداد في سياق حديثه الموجه لأحد موكلي القضايا لديهم، الأمر الذي أدى الى ارتفاع صوتهم في المكان وسعي زملاءهم لفض الاشتباك بينهم بعدما شرع عمر في ضرب الموكل.
ماحدث لم يكن محموداً لدى المحامية راوية عبدالباقي صاحبة المكتب، ولم تكن المرة الأولى.. ف عمر لديه عيب خطير وهو سرعة الغضب، الحِلم لم يكن من صفاته رغم انه لابد ان يتحلى به خصيصاً لأن عمله يتطلب إلى هذا.
بعد لفت نظر عمر المرة السابقة، اتخذت المحامية موقف هذه المرة وقامت بفصله من المكتب.
انتهى اليوم نهاية سيئة، على الجميع.. قام بتوصيل إيمان إلى منزلها دون أن يتفوه ب أي كلمه لها.
هبطت إيمان من فوق الدراجة البخارية وتوقفت أمامه تحاول أن تخفف عنه وطأة مايشعر به
_عمر، مش نهاية الدنيا قدم ورقك ف مكان تاني وان شاء الله هتتقبل وتبدء من جديد.. متيأسش
تنهد عمر بحسرة وقال
_شكلي مش هنفع ف اي حتة ي إيمان، لأن المشكلة عندي
_هوّن على نفسك كلنا بنغلط، بس لازم نتعلم.. طول م احنا عايشين هنتعلم

عكس عقارب الساعة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن