- الحشد | la foule -
*****فرنسا ، باريس \ ١٩٩٧
#ليلى
لقد...أدمنتُ هذه الاطلالة بعدد المرات التي جلست خلفها أراقب الامواج الهائجة أحيانًا و الهادئة في أحيان أخرى تتضارب يمينًا و شمالًا..تذكرني تلكٓ الحركة بخفقاتِ قلبي المضطربة منذ وقتٍ طويل..
و كأنني أرى رسمًا تخطيطيًا واضحًا لها..بل شديد الوضوح إن صح التعبير !
من بين مجموعة المطاعم السبعة التابعة لعائلة الراوي و التي أحفظ مواقع كل منها عن ظهر قلب..كان هذا أكثر مطعم تعلقت به..
لقد وصل تعلقي به إلى درجة أنني حتى بعد أن أصبحتُ أشتغل في أحدها منذ سنوات..لكنني لا أزال أفضل الجلوس دائمًا هنا..خاصة في أوقات الزوال..كالآن هنا..
فزوال باريس..و بحر باريس لا يتشابه مع أيّ بحر آخر..لطالما شعرتُ بهذا حتى و لو بدا غريبًا..
لقد كانت باريس المدينة التي علمتني معنى الانتظار..
علمتني معنى أن يتجرع الإنسان ألمه و حُبه و شوقه في صمتٍ مرير..و بابتسامة لطيفة يرسمها ثغر كاذب ليلقيها كهدية باهتة مع كل تحية صباح خادعة يلقيها على أحدهم!
في باريس..جميع الناس يسيرون و هناكٓ ابتسامة واسعة على وجوههم..في باريس..ليس من غير الوارد أبدًا أن يعترض طريقكٓ في منتصف الشارع مشهدًا غير لائق لعاشقين يصرخان بحبهما أمام العلن..
ليس من غير الوارد أن تصطدم أثناء شرودكٓ المرير و المرفق بابتسامة مجهدة بالطبع..بمشهد شاعري حيث هناكٓ رجل مدله بالعشق يجلس على قدم واحدة بينما يرفع علبة مخملية صوب حبيبته المبتسِمة بخجل..
و دعوني لا أبحث كثيرًا في خلفية ذلكٓ الخجل..إن كانت تلكٓ الحبيبة هي نفسها التي تحمل في جيب محفظتها الداخلي صورة شاعرية لهما بحيث يتقاسمان السرير...و نمط الحياة أيضًا !
في باريس..لا يوجد هناكٓ أشخاص وحيدون..و اذا وجدوا فغالبًا يتم وصم أسماءهم و ملامحهم بوصمة شفقة مزرية لا معنى لها..
لقد سمعتُ ذات مرة مقولة..
أن باريس لا تغدق الحب إلًا على أبناء جلدها..حاولت أن لا أؤمن بها..حاولت أن أركض خلف سراب الأمل لعلي تمكنتُ من الطعن في مصداقيتها..
و إذا بها تثبت لي بدلائل قاطعة غباء محاولاتي !
الحقيقة أنني لم أكن امرأة غبية يومًا..لكنني بدأتُ أؤمن بصدقها فعلًا..و أنّى لي أن لا أفعل حينما أكون جزءًا من حياة لم يعتكف كل أصحابها شيئًا غير التعاسة في الحُب !
في باريس..لن تجد هناكٓ امرأة وحيدة تجلس خلف نافذة كبيرة تطل على البحر..تراقب تقلبات الأمواج بعينين وحيدتين بينما ترتشف من فنجان قهوتها البارد..
أنت تقرأ
أنّى يترنح الشوق ؟
Romanceفي قلب مدينة باريس النابضة بالحياة..في عام 1997.. تنطلق ليلى..في رحلة حزينة تبحث فيها عن صديق طفولتها وحبيبها السابق الذي غاب عن حياتها لسنواتٍ طويلة.. ذلكٓ الرجل..الذي رغم شهرته اللامعة..و أخباره المنتشرة في كل مكان كرجل أعمال مخضرم..و المالك الرئي...