البارت الثاني

12 3 0
                                    

كبرت نور في كنف ذكريات دافئة تشاركها مع ليث. منذ انتقالها إلى الحي الجديد، أصبح ليث جزءاً أساسياً من حياتها، كأنهما خُلقا ليكونا معًا. قضيا سنوات طفولتهما جنبًا إلى جنب، يتقاسمان الضحكات والمغامرات الصغيرة في أزقة الحي وحدائقه. كان ليث دائماً حاضرًا في كل لحظةٍ مميزة، من أول يوم مدرسة إلى اكتشاف الأسرار الصغيرة التي كانوا يخبئونها عن عالم الكبار.

كانت طفولتهما سعيدة وبريئة، مليئة بالأحلام التي رسموها سويًا على رمال الأيام. ومع مرور السنوات، نما شعور عميق بينهما، أكبر من مجرد صداقة طفولية؛ كانا يشعران بأن شيئًا ما يربطهما بعمق، لكنه لم يتبلور بعد في الكلمات.
---------------

المشهد: صباح أول يوم في الجامعة. نور تقف أمام المرآة، ترتدي ملابسها وتستعد للخروج. والدتها تراقبها بابتسامة مليئة بالحنين.

الأم:
"ما شاء الله، بنتي بقت كبيرة ورايحة الجامعة! لسه فاكرة أول يوم لكِ في المدرسة كأنه كان امبارح."

نور (بابتسامة خفيفة):
"مش قادرة أصدق إنه الوقت عدى بسرعة كده، ماما."

الأم (بتنهيدة):
"وأنا مش مصدقة إنك خلاص كبرتي وبقيتي مسؤولة عن نفسك. بس برضه هفضل أشيل همك."

نور (تقترب من أمها):
"ماما، أنا عارفة إنك هتفضلي دايمًا ورايا، بس أوعي تقلقي. هكون كويسة."

الأم (بحنان):
"عارفة يا حبيبتي، بس أول يوم جامعة دايماً ليه رهبة. الدنيا هتبقى مختلفة عن المدرسة، لازم تبقي مركزة وتعرفي تصاحبي الناس الكويسين."

نور (بثقة):
"ما تقلقيش. ليث كمان هيبقى معايا، ومش هسيب حاجة تشغلني عن الدراسة."

الأم (مبتسمة بخبث):
"آه، ليث طبعًا! دايمًا معاكِ في كل حاجة."

نور (تحمر خجلًا):
"ماما، مش كده بقى!"

الأم (تضحك):
"ماشي يا نور، أنا بس بهزر. المهم خلي بالك من نفسك وركزي على مستقبلك. الجامعة دي بداية جديدة ليكِ."

نور (تحتضن أمها):
"وإنتِ دايمًا مصدر قوتي. دعواتك يا ماما."

الأم (وهي تربت على ظهرها):
"ربنا يحميكِ يا حبيبتي ويوفقك في كل خطوة."
------------
---
: ليث يجلس على طاولة المطبخ، يرتدي بذلته ويستعد للخروج لأول يوم في عمله الجديد. والده يقرأ الجريدة، ووالدته تضع الفطور على الطاولة.

الأب:
"أول يوم في الشركة، يا ليث؟ جاهز؟"

ليث (بابتسامة مليئة بالتوتر):
"جاهز إن شاء الله، بس فيه شوية قلق."

الأب (بنبرة هادئة):
"القلق طبيعي، لكن تذكر إنك وصلت هنا بسبب اجتهادك. الشركة دي فرصة كبيرة، ولازم تثبت نفسك."

الأم (وهي تقدم له كوب شاي):
"أهم حاجة، خلي عندك ثقة في نفسك. زي ما دايمًا بتعمل، إنت قادر على النجاح."

ليث (يتناول كوب الشاي):
"عارف يا ماما، بس برضه أول يوم ليه رهبة. مش عارف هيكون الوضع إيه هناك."

الأم (بحنان):
"يا ابني، إنت دايمًا كنت بتعرف تتعامل مع الناس. من أيام المدرسة وانت محبب الكل فيك. الشركة مش هتكون مختلفة."

الأب (يضع الجريدة جانبًا):
"المهم تكون مركز، وتسمع كويس. مش لازم من أول يوم تفرض نفسك، لكن لازم تفهم كل حاجة بتحصل حواليك. النجاح في الشغل زي اللعبة، محتاج صبر وخطة."

ليث (بنبرة مليئة بالتفكير):
"عارف يا بابا. هحاول أتعلم كل حاجة بسرعة وأثبت إنهم اتخذوا القرار الصح لما وظفوني."

الأم (وهي تصحح ربطة عنقه):
"وأنا عارفة إنك هتبقى قدها. انت شاطر وبتفكر بعقلك، مش مجرد واحد بيسمع كلام وخلاص."

الأب (ممازحًا):
"وعلى فكرة، متنساش تبين لهم إنك مش مجرد موظف عادي. انت عارف دايمًا إزاي تلفت الانتباه بشكل إيجابي."

ليث (يضحك):
"هحاول، بس مش عايز ألفت الانتباه من أول يوم، خليني أبدأ بهدوء."

الأم (تبتسم):
"ربنا يوفقك يا ابني. وإحنا واثقين إنك هتنجح."

الأب (بجدية):
"طبعًا، وإياك تتردد لو احتجت نصيحة أو مساعدة. إحنا دايمًا هنا."

ليث (بامتنان):
"شكراً ليكم، دعمكم هو اللي بيخليني واثق في نفسي."

الأم (وهي تربت على كتفه):
"ربنا يحميك ويوفقك في كل خطوة يا حبيبي."

------------

تحت أشعة الشمس الدافئة، كانت "نور" تجلس بجانب "ليث" في السيارة، تشعر بالتوتر بينما كانا في طريقهما إلى الجامعة. كان الطريق طويلاً، وصوت المحرك يملأ الفراغ بينهما.

نظرت "نور" إلى الخارج للحظة ثم قالت، محاوِلة كسر الصمت:

"مش متخيلاني فعلاً رايحة الجامعة."

ابتسم "ليث" وهو يحول نظره قليلاً نحوها:

"عارف إنها خطوة كبيرة، بس هتبقي كويسة. دايماً كنتِ جاهزة للحاجات دي."

أخذت نفساً عميقاً، ثم قالت:

"بس... مش عارفة ليه حاسة إني مش مستعدة."

أجاب "ليث" وهو يحاول أن يبعث فيها الطمأنينة:

"طبيعي تحسي كده. أول يوم بيبقى دايماً صعب، بس هتشوفي، هتعدي منه وهتحسي إنك أقوى."

نظرت إليه بابتسامة صغيرة، وقالت:

"مادام إنت شايف كده... يمكن فعلاً أكون مستعدة."

ابتسم ليث، وعيناه مليئتان بالفخر.

حب ابدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن