الرسالة السبعون
21 سبتمبر 2024
عزيزي يا صاحب الظل الطويل
كيف حالك؟
آمل أن تكون على خير ما يرام في صحتك ونفسيتك.
لستَ من الأشخاص الذين يعانون من تقلبات مزاجية موسمية مرتبطة بتعاقب الفصول، أليس كذلك؟
يهمني أن أفهم تقلباتك لأجيد التعامل معها مستقبلا يا رجلي العزيز.
اليوم هو أول أيام الخريف... يا للروعة!!
لقد صحوت من نومي اليوم وأنا أشعر برجفة صباحية خفيفة منعشة للغاية، فمنحت نفسي دقائقا إضافية أستمتع فيها بالبقاء في السرير، وانكمشت فيه متمسكة باللحاف. بعدها قررت مغادرة الفراش وفتحت نافذة غرفتي فامتلأت بهواء أول أيام الخريف... إنه هواء مختلف عن أي هواء خريفي آخر، صدقني!!
لقد استنشقت هذا الهواء المعالج ملئ رئتي، ثم مشيت بثقل نحو الحمام وأنا أفرك عينيَّ المنتفختين من أثر النوم، وأعدل خصلات شعري المهملة، لأحتضن التضاد الرائع الذي يحدث بين أجسامنا الدافئة وقطرات الماء الباردة في فصلي الخريف والشتاء... إنه إحساس رائع لا نبدو بعده كما استيقظنا أبدا، ألا توافقني الرأي؟
حضرت قهوتي الصباحية، وأعددت من أجلي فطورا جميلا، وكنت وحيدة في المطبخ أغني "الحلوة دي" للرائعة فيروز.
تقول كلمات الأغنية:
الحلوة دي قامت تعجن في البدرية
والديك بيأذن كوكو كوكو في الفجرية
حسنا... لم أصحو لأعجن أي شيء إطلاقا، ولا ديك لدينا ليُسمع صوته في الجوار، لكنني رأيت أنها أغنية مناسبة لكل الصباحات، حتى وإن كانت الحلوة في المدينة تصحو لتحضر قهوة فحسب!!
لقد كنت حريصة وأنا في الطريق إلى المكتبة أن أمشي بروية، وأستمتع بتربيت الهواء البارد على جسدي، وأبتهج برؤية السماء التي كانت السحب تتكوم في كبدها ككرات صوفية رمادية تحمل في أحشائها غيثا نافعا سينثر بركاته على أراضينا في السويعات القادمة على ما يبدو... أحب المطر، أخبرك دائما أنني أحب المطر، هل تستطيع فهم هذا الحب العصيِّ عن التأويل؟!
وأنت يا صاحب الظل الطويل، كيف بدأت يومك، كيف استقبلت الخريف؟
أعلم أنك استيقظت ككل يوم آخر، ولم تجد في صباحك شيئا مختلفا عمَّا تعودتَ عليه، أعلم أنك لم تلاحظ أن الخريف أقبل اليوم، ولم تشعر أبدا أن الصباح مختلف، والهواء مختلف، والسماء مختلفة، ولهذا السبب كتبت لك الرسالة الآن، وآمل أن تقرأها قبل انقضاء اليوم حتى تبتهج كما أبتهج إن فاتك أن تفعل هذا منذ الصباح!!
أنا هنا لأذكرك دائما بأخذ جرعة من السعادة.
كن بخير يا حبيبي، وتذكر أن تراني دائما في ملامح الخريف!!
أحبك كما أحب الخريف والمطر.
أنت تقرأ
عزيزي يا صاحب الظل الطويل 70
Romansaهذه رسائلي التي أكتبها إلى صاحب الظل الطويل خاصتي... رجلي الذي لا أعرف عنه شيئا، وأعلم يقينا أنه يبحث عني في مكان ما كما أبحث عنه، وأؤمن بشدة أننا يوما ما سنلتقي ونكون لبعضنا كل شيء وإلى الأبد.