|04|

36 5 7
                                    

لا إلَه إلا أنتَ سُبحانَك إنّي كنتُ مِن الظالِمين

---

وجدَ عمَلَه مُريحا أكثَر مما تصوّر، صحيحٌ أنّه قدّمَ بعضَ التنازلات، وكانَ عليهِ أن يغيّر شيئا في هيأتِه وملابِسِه ليناسِب نمطَ الزبائن الذين يرتادون المطعمَ إلا أنّ الأمر بكُلّيتِه كان مريحا، خصوصا وأنّ الراتِب كان جيّدا جدا بالنسبة لشابّ يُنفِقُ عليهِ والديه، ولعدَم حاجتِه الحالية إلى النقودِ كان يدّخرها.

تبدأ مناوَبتهُ مساءً وبالتالي لم يكُن يرى إيف كثيرا كما توقّع أنّه سيفعَل، بل إنه في آخر أسبوعين من الشهر كانت قد استُبدلت بشابّ أصغَر منها يبدو في عمرِ شقيقِه آرثر، وذلِك ما كان سبَبه الامتحانات.
وصحيحٌ أنّه هو الآخر كان يجرِيها، لكِنّه لم يجِد رفاهية أن يستبدل مكانه مع أحد، فاضطر العمل مساءً ثمّ المراجعة والتهيئة ليلا وأحيانا بعد الفجر، مما أرهقه كثيرا، لكِنّه بشكلٍ ما كان راضيا، خصوصا وأنّ "لا" التي أصبح يرميها في وجه جايك كانت حقيقية جدا ولم يعتب باب النادي منذُ زمن.

وبعد نهاية الامتحانات عادت لتعمل، فكان يراها عندما يقدُم للمطعمِ وهي تغادِر لتعود للمنزِل، لحظاتُ حياتِه الأفضل، لأنّه ما توقّع أبدا أن يراها في الصيفِ، لكِنّ الأمور لا تسيرُ دائما كما يتصوّرُها أن تفعل، وهو راضٍ بهذا القليل...

أو هذا ما كان يُقنِعُ بهِ نفسَه، أنّ الأمورَ على هذا الحالِ تُرضيه، يتجاهَل حقيقَة أنّهُ كلّما رآها ازداد رغبة في رؤيتها أكثر، وكلّما حصل على فرصة للوقوفِ تجاهها وهي تجمع لهُ مشترياتِه يشعُر أنّه يودّ لو يدفِنُها في أضلاعه، أن تمتدّ يدُه لتلمِسها، وأن يهمِس لها بأورادِ الشعرِ والقصائد.
كان عذابا بحتا، جاورتهُ لذّة وفرحة، لكِنها سُرعان ما تتبخّر ليتلوى داخل فقاعته مع آلامِه.

وكانت هي لا تبالِي، لا تراه، ولا تشعُر بهِ، تعيشُ حياةً روتينية، وتُمضي عطلة الصيفِ تعمَلُ هناك في ذاكَ المحلّ نهارا، لتعودَ إلى المنزِل مساءً، وكثيرا ما يرى هاتفها جوار أذنها تحادِث شقيقها، حسبما أقنَع بهِ نفسهُ.

---

كانت العطلة تلوّح أنّها دنت من نهايتها عندمَا طلبت منهُ والدتهُ أن يذهبَ معها إلى إحدى الحفلات التي تُنظّمها جمعيتها.

كانَ شعرُه الذي طالَ حدّ كتِفيهِ مجموعٌ في ربطة ويرتاحُ على رقبتِه، بينَما بانَ وجهُهُ واضحا دون الخصلاتِ التي كانت تُغطّي جبهته كما نصّ بندُ العمل في المطعم، وبشكلِ ما تقلّصت الابتسامة الجانبية وأضحى وجهه يحمِلُ تعبيرا هادِئا، ورغمَ أن تِلك الحبوب الصغيرة التي تلتصق ببشرة وجهه لم تختفي لكِنّه كان ما يزالُ يبدُو وسيما، ولم تمتنِع الشابات اللاتِي حضرنَ إلى الحفلة التطوعية في أحد المياتِم من الالتفات والنظر إليهِ ثمّ تبادُل بعض الهمسات الشقِية بينهن عنه.

آدَم [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن