إتصلتُ فورًا بِكيراس، لكنهُ لم يجب، لقد كانَ بالمسجد وهذا قد تذكرتهّ لاحقًا.
حسنًا، تهورتُ قليلًا، فقد حملتُ أغراضي وخرجتُ بما كنتُ أرتديهِ من ثيابٍ، إتجهتُ إلى منزلهِ كانَ قد وصفَ لي سابقًا أينَ يقطن، فَتبعتُ وصفهُ حتى وصلتُ إلى أقرب مكانٍ حملَ مواصفتهِ.
ظللتُ أعيدِ الطريقَ ذهابًا وإيابًا حتى لمحتهُ يقترب من بعيد،
وصلَ بجانبي وسألني بأستفهام عن ماذا أفعلُ هنا.
- انا بحاجة لأخبارك بهذا، قلتُ بكُلِ إنفعالية.
ضحكَ ثم أجابني - تمهلي، لندخل أولًا.
ضحكتُ على نفسي معهُ، فقد كنت منفعلة وعشوائيةٌ جدًا.
مشيَّ أمامي مما جعلني ألقي نظرةً على ملابسي، كنتُ أرتدي ثوب النوم فكانت مخطُطاتي أخذُ سباتٍ قبلَ حلولِ الشمس.
دخلنا معًا، وكانت نظراتي تتجهّ على داخلِ شقتهُ فورًا، قد كانت واسعة حقًا.
- شقتكَ كبير، قلتُ بينما أضعُ حقيبتي على كنبةٍ ما.
- نعم، أعيشّ هنا مذُ زمن، لهذا أردتُ شقةً كبيرة، أكمل بعدَ ان أخذَ مسلكًا نحوَ المطبخ - إستريحي، سأحضرُ بعضَ القهوةَ.
وأثناءَ أجلس قعدتُ أتصفحَ الشقة بأعيوني، وبينما أعيني تحومُ حول الشقة إذا تقعُ على صورةٍ كانت بجانبِ التلفاز.
تأكدتُ أنهُ منشغل، فبدأتُ أقترب منها، مسكتها بيديّ لتكونُ صورةً لِكيراس ممسكًا بفتاةٌ شعرها مجعد، لديها إبتسامةٌ رائعة، ملامحها حقًا جميلة.
توقعتُ أنها إحدى أقربائه، لان كيراس يمتلكُ بعضًا من تلكَ الخصلاتِ المجعدة.
حينَ وصلَ كنت قد عدتُ لمكاني، ناولني كوبًا من القهوةِ وجلس.
أخذتُ رشفةً وعينيّ لازالت على تلكَ الصورة، حتى قلت - أتقربك تلكَ الفتاة؟
لفَّ ظهرهُ نحوَ الصورة، تمعنَ فيها للحظة وإتجهَ نحوها وغطاها وقال - لا، إنها.. صديقة قديمة، لم نعد نتحدث.
قلتّ لهُ - يا حسرةً، تبدو رائعة.
إنزل رأسهُ - نعم.. رائعةً بالفطرة، أخذَ شهيقًا ونظرَ إليّ - إذًا ما سبب قدومكِ مرةً أخرى.
عدلتُ جلستي ثم قلتُ بنفسٍ كبير - عَلمني الاسلام.
فتحَ أعينهِ بصدمةٍ - إنتِ متأكدةً من هذا صحيح؟
هززتُ رأسي ثم قلتُ بأبتسامة - بِكُلِ تأكيد.
بدأ كلامهُ، وكلما تشوقتُ أكثر لمعرفةِ المزيد، كنتُ مُغشيةً تمامًا بما قال.
سكتَ فجأةً ثم إبتسمَ ونظرَ إلي - ألديكِ أية نيةٍ لدخولِ هذه العقيدة؟
أختفت إبتسامتي التي كُنت أحملها، مع تشوقي لمعرفةِ المزيد، إلا انني لم أفكر بهذا قط.
تغيرت ملامحهُ ثم بررَ لي - لم أقصد أن أوصلَ السؤالَ بهذهِ الطريقة..
أنزلتُ رأسي ثم قلت - انا فقط لا أعلم.
رفعَ كوبي الذي كانَ أماميّ على الطاولة، وقدمهُ بينَ يديّ قائلًا - لا بأس، عندما تكوني مستعدة.
إبتسمتُ بطبيعتي، فَلطالما كانَ متفهمًا لصراعاتي.
نظرتُ على الفور لهاتفي، لأنظر قد كانت السادسة والنصف صباحًا، نهضتُ بسرعة وأخدتُ كتابيِّ سريعًا - أسفة، أثقلتُ عليكَ اليوم، سأذهب.
رافقني إلى المخرج، قلتُ له وانا ابتسم - لم أتوقع ان اجلس كل هذهِ المدة، شكرًا على إستقبالي.
بادلني إبتسامتي قائلًا - العفو، سأكون دائمًا هنا.
عدتُ سائرةً إلى المنزل، وعقلي يفكر فيما قالهُ كيراس، قررت المرورَ بالمكتبة، لاتذكر ما كنتُ أرتديه، وغيرَ إني لم احصل على قسطٌ من الراحةِ بعد، فأكملتُ طريقي دونَ الانعطافِ لمكانٍ ما.
كنتُ رافعةً رأسي إلى الاعلى وانا أشدُ يديَّ إلى صدري، حتى سمعتُ صوتًا حنونًا قد سمعتهُ مرة ينادي على أحدٌ ما.
لم أستوعب أن هذهِ النداءاتُ تقصِدُني إلا بعدَ أن سمعتهُ يقول - صديقةَ كيراسٍ هنا!
إذا بي ألتفُ للخلف لارى العمَ سامر ينظرُ إليّ مُبتسمًا.
إقتربتُ إليه وأنا أردَ الابتسامة - أهلًا عَمي.
- وعليكم السلام ورحمتهُ اللهِ وبركاته، لاحظتُ أني قطعتُ عليكِ سلسلةً من افكاركِ الداخلية.
ضحكتهُ بخفةً ثم قلت - لا، فقط كنتُ أستمتعُ بِغيومِ أوكتوبر.
نظرَ إلا السماء ثم قال - إنهُ ابداعَ الخالق بُنيتي، أنزلَ رأسهُ ثم أردفَ لي - شدني سؤالٌ.
- ما هو؟، قلتُ لهُ بينما أرجعُ نظراتي لتقابله.
- قرأتي الكتابَ صحيح؟
- نعم، إبتسمتُ ثم قلت - وكيفَ عرفت؟
- هيئتكِ تعني ذلكَ إبنتي، وأرجو أللهَ انكِ وجدتي ما تبحثينَ عنه.
فكرتُ قليلًا حتى إعتلتني إبتسامة - يبدو إني وجدته، شكرًا لك.
- حمدًا لله صغيرتي، إذًا بماذا أدعوكِ؟
- أدعى شمس.
- يالهُ من إسمٍ على مسمى، ما شاء الله فَوجهكِ يحملُ النور.
- ملاطفةٌ حميدة يا عم سامر، إذا انا سأذهب.
- رافقكِ الله يا بُنيتي، قالها وهو يلوحُ لي بثغرٍ مفتوحٍ لشدةِ فرحه.
وأما انا أكملتُ دربي للبيت، وصلتُ ولم أعي على ذاتي، فقد رميتُ حقيبتي بشكلٍ عشوائيٌّ جدًا وسدحتُ نفسي على السريرَ وانا منهكة فعلًا.
لقد حل بالفعلِ المساء، ولا ازالُ بسُباتي من الصباح، هذهِ اولَ مرةً انامَ فيها كَطفلٍ صغير، بعدما وجدتُ جوابي الذي لطالما بحثتُ عنه، حانَ الوقت لانام بعمق أخيرًا.
إستيقظتُ بحلول الساعة السابعة مساءً، بقيتُ عدةَ دقائق أنظرُ للحائط أمامي، فالان باتَ عقلي يسكنهُ سكينةً لم أستشعرها من قبل.
مسكتُ هاتفي وانا أفركُ أعيوني مِن النُعاس لأرى مكالمة فائتة من كيراس.
أعدتُ الاتصالَ به، أجابني بصوتٍ ضاحكٍ - هل إستوقفكي النوم عن الاتصالَ بي اليوم؟
ضحكتُ وانا صوتي يملأهُ النُعاس، فلمطالما نجحَ في اضحاكي - لا، بل إسترقني النوم من اليومِ كُله، إذًا هل متفرغُ الان؟
- أنهي أعمالي بالمكتبة، سأغادر بعدَ لحظات.
- لا تتحرك، سألقيكَ هناك، قلتُ لهُ بينما أقوم من سريري قاصدة إخراج ثيابي فورًا.
شعرتُ برغبةٍ للتأنقِ الليلة، إرتديتُ فستانًا ملونًا بألوانِ الخريف، مع حذاءً قد إقتنيتهُ منذُ مدة، ولم أرتدريه قط.
رفعتُ جزءً من شعري بملقطَ شعرٍ ذهبيّ، رششتُ من عطري المفضل.
وتوجهتُ إلى المكتبة، وكان إذ رأني أحد لظن أني ذاهبةً للمواعدة.
عندما وصلت، كانت المكتبة قد أقفلت بالفعل، وكان كيراس ينتظرني عندَ البابِ المقفل.
كنتُ خجلةً مِن ما أرتدي، فقد رأني وانا بأسوءِ الحالات.
نظرَ إلي وقد رأيتُ اللمعة بأعيونهِ تتلألأ.
قدمَ بعضَ خطواتٍ بأتجاهي وإبتسامتهُ تعتليه - تبدينَ رائعةً اليوم، مثل كُلَ يوم.
إحمرت وجنتايَّ بينما أشكرهُ على الاطراء، وتحركنا كَعابريَّ السبيل في أرجاءِ المدينة.
كانت نظراتهُ فريدة حقًا اليوم، حتى أنني لم أرفع ناظريَّ عن الارض.
بعدَ برهةٍ من المشيَّ نحوَ المجهول، نطقَ بكلمةٍ اخيرًا - بما إنكِ متأنقةً اليوم، سأدعوكي على عشاءٍ رومانسيّ.
قلتُ وانا أرفع رأسي لطولهُ - واين سيكون هذا العشاء؟
نظرَ لي بطرفِ عينٍ - سرُ.
بقينا على ذلكَ الحال حتى وصلنا إلى حارةٍ ضيقةُ الوسع، مررنا عبرها حتى فتحتُ فَمي من الدهشة.
ما رأيتهُ كانَ عبارةً عن قريةٌ سحرية بكُلِ تأكيد، فقد كانت الاضواء منبعثة من كُلِ مكانٌ، والاطفالُ يلعبونَ بالارجاء، وروائح الطعامِ منبعثة من كُلِ الانحاء.
نظرتُ لهُ بدهشةٍ ثم قلت له - ما هذا المكانُ الخياليّ!
ضحكَ ثم قال - الان رسميًا أقدمُ لكِ حرية التحركُ هنا.
ولو كانَ بأمكاني أن أحضنهُ لشدة فرحي لفعلت، كان ينظرُ امامهُ بأبتسامة كبيرة، بينما انا أنظرُ لهُ بتأمل.
أتت لديّ طفلةٌ صغيرة، إنحنيتُ لمستواها وقعدتُ اداعبها..______________________________________
Tiktok - Gourbook
Instagram - GoUrbookاخيرًا بعد مدة، انصح بأعادة البارت الخامس 🥲.
أنت تقرأ
فتاةُ المكتبةَ 🌸.
Historia Corta"حتى إلتزامي، وقعَ لها". - كيراس. عندما يكونَ مارًا بِهذا مِن قبل، وكسرهُ أدى إلي رجوعهِ إلى مذهبهُ الحقيقي، وهي تُرجعهُ إلى ما خرجَ مِنهُ منكسرًا. أما بعد، فَماذا سيكونُ خيارهُ؟