نبأ

112 18 95
                                    


كان لهذا النُزُل -بلو سكاي- مقهى متواضع وبداخله مكتبة مغلقة لحجب الضجيج، كانت يورا تجلس على إحدى الطاولات بعدما أنهت من تنظيفهم تُحدّق للاشيء تستذكر ذلك الموقف المخيف.

"هل لحق بي؟"
"هل حفظ وجهي الآن؟"
"أيُعقل أنه سيأتي لقتلي أنا كذلك لأنني شهدتُه؟"

كانت تسأل نفسها بقلق، ولكن قاطعها صوت رجل يقول :
"ألا يزالُ المقهى تحت الخدمة أم قمتم بإغلاقه؟"

وقفت بفزع ترتّب لباسها وقالت مُرحِّبة:
"مرحبًا بك!"

واتجهت خلف مكان استقبال الطلبات تنقر على الشاشة قائلة:
"ما الذي تودّ طلبه، سيدي؟"

"اثنان من القهوة الساخنة، إحداهُما خالية من السُكّر والثانية بالحليب"، أجابها وهو يتصفّح المكان حوله بأنظاره.

نقرت يورا على الشاشة:
"ما هو الحجم الذي تفضله؟"

"متوسّط، رجاءً"

"اسمك؟"، سألته بعدما جرّت كوبًا متوسّط  الحجم وقلمًا أسودًا.

"سونيونق، والآخر دعيه فارِغًا بِلا اسم"، وأضاف موضّحًا أيّ قهوة: "البلا سُكّر"

"أمرك"، قالتها وهي تضع الأكواب جانبًا، وأضافت:
"أيّ شيء آخر؟"

"هل كل شيء"

نقرت الأخرى على الشاشة ونطقت:
"ثمانية وعشرون، أتريدُ الدفع بالبطاقة أم نقدًا؟"


"بطاقة"، أجاب وهو يبعث بهاتفه.

حملت آلة الدفع ونقرت عليها المبلغ ومدّت يدها نحوه ليُقابلها بهاتفه ويدفع.

أشارت له بيدها:
"تفضّل بالجلوس"

أومأ الآخر وهمّ بالجلوس على طاولة يمكنه مراقبة المكان بأكمله منها.

كانت يورا منشغلة بإعداد القهوة وبقيت تُلقي نظرة فاحصة على الزبون وتساءلت في نفسها:
"لماذا طلب كوبين من القهوة في حين لا يرافقه أحد؟"


أنهت من إعداد القهوة وتقدّمت بالكوبين نحوه، فحوّل نظره نحوها عندما وضعتهما على الطاولة أمامهما، تناول إحدى الكوبين لتلحظ جِرحًا لم يُسعف على يده.
أشارت نحوه بتردد:
"لديك-"
ولكنه قاطعها يُخفي الجرح بالسترة التي يرتديها قائلًا:
"لا عليكِ"

انحنت بخفّة وتركته بحيرة من أمرها دون الإصرار عليه، فسيشعر بعدم الراحة رغم ولائها كطبيبة لا يسمح لها بذلك وكان يدفعها للإصرار عليه، ولكنها لاتزال تحت تأثير الصدمة، والشك يُصاحبها مع كل شخصٍ جديد تُقابله.

"هل تقطن هُنا؟"، سألته يورا وهي تقوم بترتيب المكان.
رفع نظره نحوها بهدوء وهمهم مجيبًا لها.

"ألن يأتي صاحبك الذي طلبت له القهوة؟"، سألته.
ابتسم الآخر ابتسامة غريبة، ووقف من مجلسه يقول:
"لم أقل قط أنها لصاحبي.."

تقدّم نحوها:
"سأشربها بعدما أتخلص منكِ"

"مـ-ماذا؟"، نبست بخوف وهي تخطو للوراء.

"شهدتني وأنا أقتل ضحيتي، أليس كذلك؟"، ومدّ يده ليحكم رقبتها في قبضته وهي بدورها تختنق بينما تُحاول إبعاد يديه عنها.

————

"آنستي، الماء؟"، صدح صوته ليفيقها من شرودها.

وجدت نفسها أنها لاتزال واقفة أمام صنبور الماء وزبينها سونيونق جالسًا على طاولته.
أغلقت صنبور الماء بتوتر:
"أ-أعتذر.."

وفتحت الدرج لتستلم عُلبة الإسعافات الأوليّة وعندما رفعت نظرها، وجدت المدعو بـونوو قد دخل المقهى للتو.
"أتريدُ الطلب؟"، سألته.
فيُجيب:
"لا شُكرًا، سأتوجّه للمكتبة"، وغادر جسده خلف باب المكتبة.

أعادت يورا تركيزها نحو الزبون لتراه يُلصق عيناه نحو باب المكتبة حيثُ دخل ونوو.
توجّهت نحو سونيونق ووضعت العُلبة أمامه:
"دعني أعقّمه لك، رجاءً"

أطلق ضحكة مُحرجة:
"لم يكن عليك فعل هذا"
ومدّ يده قائلًا:
"جرحتُ نفسي وأنا أُقلّم بستان منزلي"

تعجّبت يورا وهي منشغلة بالتعقيم:
"تُحبُّ الزهور؟؟ ماهو النوع الذي تزرعه في منزلك؟"

"زهور الزنبق البيضاء"

"جميل"، قالتها وهي تغطي جرحه.

ابتعدت عنه ليُمسك الضمادة على يده بهدوء، وقف من مجلسه يحمل كوب القهوة الذي لم يمسّه:
"هلّا غيرتِ الكوب لآخر كي أحمله معي خارجًا؟"

حملت عنه الكوب قائلة:
"بالطبع! هل تريدُ تسخينها؟"

"لا داعٍ لهذا"

همهم وهي تنقل القهوة لكوبٍ آخر له، ناولته إياه تشكره على قدومه وغادر المقهى لتجلس على الكرسي بإرهاق نفسيّ مما أصبحت تتخيّله من مواقف.





•في الصباح•

نامت يورا في النُزُل لأنها لم تقوى على العودة لمنزلها، توجّهت للمقهى حيثُ كانت خالتها هُناك وأبيها كان يعمل على تنظيف الغرف الفارغة حينها.
"صباحُ الخير خالتي، أين أمي؟"

"ذهبت والدتك للمغسلة ومعها ما تبقى من الأقمشة المتسخة، اجلسِ وتناولي فطوركِ"، هكذا أجابتها بلطف

"لا داعٍ، سأعود للمنزل"
استدارت بجسدها لتخرج من المقهى ولكن شيء ما على التلفاز جذبها.
رجعت بخطواتها لتنظر لشاشة التلفاز والتي عرضت أخبارًا عن جريمة قتلٍ متشابهة للتي كانت تحدث في سوول.
توسّع جفنيها عندما لاحظت أن التحقيقات تجري وسط الغابة في كوخٍ صغير مهجور، استذكرت تلك اللحظة المخيفة التي واجهتها، دققت في الفيديو المعروض على القناة لتلحظ وجود زهرة الزنبق البيضاء المتصبّغة بالدماء بين يد الضحيّة.

جذبها صوت خالتها المتذمّر بخوف:
"إلهي، ما الذي يفعله قاتل متسلسل كهذا في الأرجاء..إنه قريبٌ من النُزُل علينا توخي الحذر"


الزنبق؟..






•الرجل المقنّع•

-the mask man-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن