الفصل الثاني

8 2 0
                                    


أحيانًا نبحث عن الأجوبة في الظلام، حيث تظل كل الأسئلة بلا إجابة

في وسط الظلام الحالك، وقف شقيقه هناك، نحيلًا متصببا عرقا، كانت القطرات تتساقط ببطء من جبينه، وترتطم بالأرضية الخشبية محدثة صوتًا يشبه تقاطر صنبور الماء المهمل. عيناه الجاحظتان تلمعان تحت ضوء باهت، بينما كانت يداه المتوترة تقبضان بشدة على البندقية، موجهة فوهتها نحو عنقه.

اقترب منه بخطوات بطيئة، فتسارع تنفسه، وتملكه شعور بالرهبة، حتى فتح فمه لينطق بشيء، لكن صوتًا مباغتًا أوقفه. كان صوت الرصاص يشق الهواء، رصاصة انطلقت لتخترق رأس أخيه أمام عينيه. فتح فمه ليصرخ، لكن صرخته خنقتها الظلال الداكنة، واستيقظ فجأة من كابوسه المظلم، محاولًا استعادة أنفاسه.

تجمد في مكانه، ثم رفع اللحاف عن جسده المتعرق. شعره الطويل المبلل بالعرق كان يتدلى على وجهه وكأنه يحاول خنقه، فأزاحه للخلف بعصبية. تلك الكوابيس المتكررة التي تطارده أصبحت تلتهمه ببطء. لقد فكر أكثر من مرة في استشارة طبيب نفسي، لكن مشاغله لم تمنحه الوقت. ومع رسائل التهديد الأخيرة، ازدادت الأمور تعقيدًا.

حرك جسده بتثاقل ليذهب إلى الحمام، لكنه سمع طرقات خافتة على باب غرفته. ألقى نظرة خاطفة على هاتفه ليرى الساعة، ثم ارتدى قميصه قبل أن يفتح الباب للخادمة التي قالت بصوت متردد:

"هناك بعض الضيوف ينتظرونك في الأسفل، سيد سيلفيان. هل ترغب أن أدخلهم للمنزل؟"

زفر بعمق، ثم فتح تطبيق المراقبة على هاتفه ليراقب المشهد في الشاشة، رأى ثلاثة رجال يرتدون ملابس رسمية يقفون في الخارج، وتعرف عليهم من النظرة الأولى. التفت نحو الخادمة وأجاب ببرود ملحوظ:

"خذيهم إلى الحديقة، وقدمي لهم الشاي سأكون هناك بعد قليل."

انحنت له بالموافقة وغادرت، ليغلق الباب خلفها بحدة. استيقاظه من الكابوس، وتدفق الضيوف غير المرغوب فيهم، كلها كانت أمور تضيف إلى مزاجه السيء مرارة . وبينما كان يفكر في الضيوف ويستعد لمواجهتهم، ارتعش هاتفه برسالة غير متوقعة.

"مرحبًا سيد سيلفيان، أنا نيلوفر. حصلت على رقمك من جون، موكلك. كنت أتساءل إن كنت متفرغًا اليوم للحديث حول مشروعنا؟"

ابتسم ابتسامة خفيفة لامست ملامحه الباردة للحظة. كلمات نيلوفر كانت كنسمة باردة تهدئ أعصابه المتوترة. تساءل عمّا قد يحدث لو جلسا وتبادلا أطراف الحديث، ليتناسى ولو للحظات الفوضى المحيطة به. جلس على طرف السرير، يكتب لها رسالة ثم يعيد صياغتها عدة مرات حتى توصل برد مقنع:

Beyond the Velvet Night حيث تعيش القصص. اكتشف الآن