عقاب قاسى

17 2 12
                                    

كان آريان يقف أمام والده في قاعة القصر المظلمة، حيث السكون الثقيل والظلال التي تحيط بهما من كل جانب. كانت الجدران شاهدة على مئات السنين من السلطة والقوة، ووالده، الذي لطالما شعر أمامه بالخوف والرهبة، كان يقف أمامه الآن، عيناه اللامعتان تحدقان فيه ببرود. كان صوته الخشن يتردد في أذنه كالصوت المزعج الذي لا يمكن التهرب منه:
"أنت تعلم جيدًا ما الذي تسببت فيه. التدمير الذي ألحقته بعالم الظلال لن يمر مرور الكرام. لقد تجاوزت الحدود، وتفجيراتك لم تترك سوى الدمار. لا مكان لك هنا بعد الآن."

رد آريان بعناد، وكان الغضب واضحًا في نبرات صوته، إلا أن خوفًا عميقًا كان يختفي وراءه:
"أنا لم أكن أريد تدمير كل شيء! لكنكم لم تعطوني خيارًا آخر! كنت أبحث عن حريتي، عن نفسي!"

الوالد رفع حاجبه بتعجب، وكان لونه الباهت يظهر في عينيه:
"حريتك؟! ما تفعله لا يعد حرية، بل تهورًا. تصرفاتك تلك كانت عواقبها وخيمة، وأنت تعلم هذا جيدًا. الآن، ستدفع الثمن."

أخذ نفسًا عميقًا ثم قال بصوت صارم:
"سأرسلُك إلى عالم البشر، حيث لا سلطة لك، حيث ستجد نفسك مضطرًا للعيش كأي شخص عادي. في هذا العالم ستتعلم قيمة الحياة، وتفهم ما تعنيه العواقب الحقيقية لأفعالك المتهوره شعر كما لو أن قلبه توقف للحظة، وقال بعصبية:
"لا، لا! لا أريد الذهاب إلى عالم البشر! أنا لست مثلهم! أنا لا أستحق أن أعيش بينهم!"

ولكن الأب لم يبدِ أي تراجع في قراره، وقال بصوت هادئ، لكنه حازم:
"هذا قرار نهائي، ولن تغيّره أي كلمة منك. عليك أن تذهب. ربما هناك، بين البشر، تتعلم كيف تكون شخصًا أفضل."

فجأة، شعر بشيء غريب. اهتزت الأرض تحت قدميه وكأنها تنفصل عن الواقع. الهواء من حوله تغير بشكل مفاجئ، وحل الظلام للحظات، ثم اختفى. قبل أن يتمكن من فهم ما حدث، وجد نفسه في مكان غريب تمامًا. كانت أضواء قوية تملأ المكان، وكان الصوت الصاخب للمحطة يعصف بأذنه. نظر حوله بذهول ليكتشف أنه في محطة مترو في عالم البشر.

كان مشهد المحطة مزدحمًا بالناس، الذين كانوا يتنقلون بسرعة في اتجاهات مختلفة، وكأن كل شخص منهم يعيش في عالمه الخاص. ركضت أفكار البطل بسرعة، لكن لم يكن لديه إجابة واحدة لما يحدث. كان يشعر بالارتباك التام. كيف وصل إلى هنا؟ ولماذا هو هنا؟

أخذ خطوة واحدة إلى الوراء، حاول أن يهدأ قليلاً، لكنه لم يكن يعرف كيف يتعامل مع هذا العالم الغريب الذي لم يعتد عليه. لم يكن هناك أي شيء مألوف.

"ماذا الآن؟" همس لنفسه. "كيف أعود إلى هناك؟ وكيف أتعامل مع هذه الحياة التي لا أفهمها؟"

سيطر عليه الارتباك بشكل تام، وهو يتساءل عن مصيره في هذا المكان الغريب
---
بينما كان البطل يقف في محطة المترو، كان قلبه ينبض بشدة، وعقله يدور في دوامة من الأسئلة. كان يشعر وكأن كل شيء حوله غير حقيقي. الأرض التي يقف عليها كانت صلبة، لكن لم يكن له أي إحساس بالثبات أو الأمان. كان صوته الداخلي يعصف به:

بين قلبينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن