اظن أننى احببتكِ

10 1 0
                                    

جلس آريان على حافة سريره، محاولًا تهدئة عقله المتضارب. لم يستطع نسيان دموع ميرولا؛ كانت صورة وجهها، وهي تتوسل لفهم سر قسوته، تلاحقه كأنها تركت أثرًا عميقًا لم يرغب في الاعتراف به. حدّق في الجدار أمامه، عيناه مليئتان بالتفكير والشرود.

"كيف لدمعة بسيطة أن تهزّ توازني؟ كيف استطاعت أن تخترق الحاجز الذي بنيته حولي؟"

تذكر اللحظة التي أمسك فيها بيدها وشعر بهشاشتها، ثم طرد تلك الأفكار بعنف، محاولًا إقناع نفسه بأن هذا مجرد ضعف مؤقت، وأنه لا يمكنه السماح لأي شخص بالاقتراب منه. كان له هدف محدد هنا، وعليه أن يبقى مركزًا على ذلك فقط.

رغم كل محاولاته، وجد نفسه ينهض غاضبًا، وكأنه يحاول الفرار من أفكاره، وانهال بقبضته على الحائط بقوة. أراد أن يطرد مشاعر التردد تلك، أن يتذكر القسوة التي تعلمها في عالمه الأصلي.

"لا مكان للتعاطف في حياتي. كل ما عرفته هو الصراع والقسوة، وهذا ما يجب أن أكون عليه هنا أيضًا."

ولكن، على الرغم من كل محاولاته، بقيت نظرة ميرولا الحزينة عالقة في ذاكرته، كأنها كانت تحاول أن تقول له شيئًا أعمق من الكلمات، شيئًا يتسلل إلى قلبه، رغماً عنه.في صباح اليوم التالي، خرج آريان إلى الجامعة محاولًا تجاهل كل الأفكار التي تطارده منذ الليلة الماضية. مشى بخطوات ثابتة، وعيناه تنظران إلى الأمام بجمود، وكأن شيئًا لم يحدث. لكن داخله كان في حالة اضطراب؛ إذ كانت صورة دموع ميرولا لا تزال عالقة في ذهنه، ترفض أن تُمحى.

عندما وصل إلى الجامعة، لمح ميرولا من بعيد. كانت تقف بالقرب من أحد الأشجار، تتحدث مع شاب آخر. كان يبتسم لها، ويبدو أن بينهما حديثًا خفيفًا. شعر آريان بشيء ينبض في داخله، شعور لم يكن يعرفه، لكنه أدرك سريعًا أنه كان نوعًا من الغيرة. ضغط على يديه بقوة، محاولًا التحكم في أعصابه، وأخذ نفسًا عميقًا ليبدو طبيعيًا.

"لماذا يهمني هذا؟ إنها ليست سوى فتاة عادية... لماذا أتأثر بمحادثتها مع شخص آخر؟"

حاول إقناع نفسه بأنها ليست ذات أهمية، وأن الأمر لا يعنيه. لكنه لم يستطع منع نفسه من مراقبتهما عن بعد، عيناه تتابع كل حركة وكل ابتسامة، كأن شيئًا يحترق في داخله.

عندما لاحظته ميرولا، تغيرت ملامحها في الحال. تذكرت تلك اللحظة القاسية بالأمس، وكيف أمسك بيدها بقوة ونظراته كانت حادة كالسيف. شعرت بارتجافة تجتاح جسدها، وأبعدت نظرها سريعًا، تحاول أن تتجنب تلاقي عينيه مرة أخرى. لكن قلبها لم يستطع تجاهل أثر تلك اللحظة. كانت عينيه حاضرتين في ذاكرتها، نظرة قاسية وباردة، لكنها تحمل في طياتها شيء لا تفهمه.

اقترب منها آريان ببطء، بنظرات جامدة، كأنه يريد إظهار اللامبالاة. مرّ بجانبها دون أن يلقي التحية، لكن صوته الخافت كان مسموعًا فقط لها وهو يقول بنبرة جافة:
"يبدو أنكِ تجدين الصحبة بسرعة."

بين قلبينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن