البارت الثاني: "أسرار الظلال"في قلب مدينة أثينا، حيث يلتقي التاريخ بالمستقبل، كان الليل قد بدأ يغطي المدينة بألوانه الداكنة. كانت نسمات الهواء الباردة تداعب الشوارع الضيقة المليئة بالقصص القديمة. كانت تلك الشوارع تشهد على ماضي طويل، مليء بالانقسامات والآلام التي دفنتها الأيام في طبقات من النسيان. ولكن اليوم، كانت تلك الذكريات تنهض من تحت الرماد، لتجلب معها الكثير من الغموض.
كانت هيلين قد خرجت من منزلها بعد ساعات من التفكير العميق. كان قلبها مثقلاً بالأسئلة، وعقلها مليئًا بالشكوك التي لم تجد لها إجابة. كيف يمكن أن يكون حادث والدها مجرد حادث عادي؟ كيف يمكن لعائلة فاليريوس أن تكون وراء كل هذا؟ هل كانت هناك خيانة أكبر مما يمكن أن تتخيله؟ والأهم من ذلك، ماذا كانت تعرف عمتها أريادني؟
كل هذه الأسئلة كانت تدور في رأس هيلين وهي تمشي عبر الشوارع المظلمة. كانت هناك رغبة قوية في اكتشاف الحقيقة، حتى لو كانت الحقيقة تؤلمها أكثر مما تتوقع. كانت قد قررت أن تسافر إلى منزل العائلة في الريف، حيث يمكنها الحصول على بعض الأجوبة.
بينما كانت هيلين في طريقها، كان نيكولاس في مكتبه في شركة فاليريوس. كان جالسًا على كرسيه، يتأمل الوثائق التي حصل عليها من ماريوس. كان العقرب الذي يشعر به في قلبه يزداد قوة مع كل ورقة يراها. الحادث لم يكن مجرد حادث، كما كان يعتقد. كان هناك شيء عميق وأكبر وراءه.
"هذا مستحيل." همس نيكولاس وهو يمر عبر الوثائق، ثم توقف فجأة عندما وصل إلى صورة قديمة كانت في إحدى الملفات. كانت صورة تجمع بين والده ميخائيل وكليمنتيوس، والد هيلين، في أحد الاحتفالات العائلية قبل عشر سنوات. لكن في الخلفية، كان هناك شخص ثالث لا يظهر بوضوح، ولكن كان شكله مألوفًا. كان ريكاردو، وهو أحد أفراد عائلة أريستوس.
"ماذا كان يفعل هنا؟" سأل نفسه وهو يلتقط الصورة بنظرات مشوشة. هل كان ريكاردو جزءًا من الحادث؟ أم أن هناك خيوطًا أخرى تربط عائلته بعائلة أريستوس؟
بينما كان نيكولاس يفكر في هذه الأسئلة، دخل مساعده أنتونيوس إلى الغرفة، وقال بصوت هادئ: "سيد نيكولاس، هناك شخص يريد مقابلتك."
"من هو؟" سأل نيكولاس دون أن يرفع نظره عن الصورة.
"إنه ماريوس." أجاب أنتونيوس.
كان نيكولاس يعتقد أن ماريوس هو الشخص الذي يمكن أن يزوده بالمزيد من المعلومات. لكن ما جاء به ماريوس كان أكبر مما توقع.
عندما دخل ماريوس إلى المكتب، كان يحمل في يده ملفًا آخر. "سيد نيكولاس، لدينا شيئًا جديدًا." قال ماريوس، وهو يضع الملف على الطاولة أمامه.
فتح نيكولاس الملف بسرعة، وكان يحتوي على تفاصيل جديدة حول الحادث. كان هناك تحقيقات سرية قامت بها الشرطة في ذلك الوقت، وكانت تشير إلى أن الحادث لم يكن حادثًا عرضيًا، بل كان مدبرًا بعناية.
"هل تتحدث عن هذا؟" قال نيكولاس وهو يشير إلى أحد التقارير. "هذا ليس مجرد حادث عادي. هذا جزء من شيء أكبر."
"نعم." أجاب ماريوس، وهو ينظر إلى نيكولاس بعينين متعبتين. "أعتقد أن هناك شخصًا في داخل عائلتكم قد يكون متورطًا. ومن الممكن أن يكون هذا الشخص قد تم التستر عليه لفترة طويلة."
بينما كان نيكولاس يحاول استيعاب تلك المعلومة، كانت هيلين في الطريق إلى الريف. كانت قد توقعت أن تكون تلك الرحلة كرحلة اكتشاف بالنسبة لها، لكنها لم تكن تعرف أنها ستواجه قريبًا أكثر مما تتخيل.
عندما وصلت إلى منزل العائلة في الريف، كان المكان هادئًا، وكأن الزمن قد توقف فيه. كان المنزل قديمًا جدًا، لكن لا يزال يحتفظ بجماله القديم، مع أسطحه الحجرية وحديقته التي تحتاج إلى صيانة. كان مكانًا يحمل في جنباته الكثير من الذكريات، لكن أيضًا الكثير من الأسرار التي دفنها الزمن.
دخلت هيلين إلى الداخل، وكانت عيناها تتنقلان بين الصور القديمة المعلقة على الجدران. كانت الصور تظهر أفراد العائلة في أوقات سعيدة، لكن قلبها كان يعلم أن ما خلف تلك الابتسامات لم يكن كما يبدو.
"هيلين؟" جاء صوت عمتها أريادني من الباب.
كانت أريادني تقف هناك، بنظرتها الحادة التي تعكس تاريخًا طويلاً من الأسرار.
"عمة، لماذا أخفيتم عنا كل هذا؟ لماذا لم تلمحوا لنا عن الحادث؟" قالت هيلين بصوت منخفض، وهي تحاول كبح دموعها.
أريادني كانت صامتة لثوانٍ، ثم أجابت بصوت متردد: "لقد حاولنا حمايتكم. حاولنا أن نحميكم من هذا العالم. من الأسرار التي كان من الأفضل أن تبقى مخفية."
"لكن الآن أصبح كل شيء واضحًا." قالت هيلين، وعينيها تتسعان بفزع. "أريد أن أعرف كل شيء."
في تلك اللحظة، قررت أريادني أن تكشف لها كل شيء. "الحادث الذي تعرض له والدك لم يكن حادثًا عرضيًا، بل كان مدبرًا. وكانت العائلة التي يقودها ريكاردو هي وراء كل هذا. كان هناك صراع قديم، وأنتما، أنت ونيكولاس، كنتما جزءًا من لعبة أكبر مما يمكنك تخيله."
كانت الكلمات التي خرجت من فم أريادني تثير المزيد من الأسئلة. كل كلمة كانت تضيف طبقة جديدة من الغموض إلى الماضي المظلم لعائلتها. كانت هيلين تشعر بأنها تقف على حافة الهاوية، على وشك السقوط في عالم مليء بالأسرار التي قد تبتلعها.
بينما كانت أريادني تتحدث، كانت هيلين تدرك أن كل شيء كان مجرد بداية. كانت الحقيقة لا تزال بعيدة عن متناولها، وكانت العواقب أكثر فداحة مما يمكن أن تتخيله.